لن يطول المقام بنا وليس الموت مرسلا فقط للكبار بل هو سيل يمر من طريق أمره الله أن يمر ليجد بغيته من الناس دون النظر للأعمار .
صديق اختلف مع شقيقه وأتعبا ابويهما في الخصام ، فخطف الموت الإبن الأصغر ، ولايزال الأخ الأكبر يعيش في دوامة الندم ، وزاد الألم عندما تُوفي والده وترك له ألما مركبا يصيب بؤرة قلبه ، فيقول كان أبي ينظر لي نظرة السهم الحارق واخي لايزال حيا ، ولكن الشيطان كان شاطرا ، وعندما مات أخي زادت أسهم النظرات سما زعافا ، وعندما مات أبي تلاحقني النظرات في منامي ، وبين زوجتي وأبنائي واصدقائي وأسرتي الكبيرة ، وأصبح يتمنى الموت ولكن لايزال العذاب يلاحقه .
لاتزال لدى البعض العقول مع النفس والفكر والعقل تبحث عن الإنتصار في مجالس الترفيه البريئة ، وتلك هزيمة النصر الذي يصل إشعاعه سهما مسموما لن يدركه صاحب هزيمة النصر الا بعد فوات الاوان .
الإختلافات الغير مبررة بحق معنوي أو ملموس مرض لم يتم تشخيصها سريريا لتدخل غرفة العمليات ويتم إستئصالها ، ولكن علاجه من السهولة بمكان يكمن بين يدي اصحابه ، ولن يجبرك أحد على المصالحة أو التنازل أو إحساسك المريض أنك مهزوم ، ولكن علاجه الرحيل ، نعم إرحل عن صاحب الخلاف الذي تجمعك به الساعات من أجل الترويح عن النفس ، وأحذر أن تتصيد الفرصة لتلقي به وترمي بحمم من داخلك دون أن تشعر أن هذه الحمم تصنع ثقوبا ملموسة في أعضاء جسدك التي بها تستمر الحياة .
تصالح مع نفسك حينما تكون في مجلس تقضي به ساعات ترمي بهموم يومك لتعود لمنزلك مبتسما ، لأن البحث عن النصر مع طرف آخر يكشف للآخرين أنك بخصام مع نفسك ، والمتخاصم مع نفسه لن يتصالح مع حوله ، فيبقي مريضا بالمعاني ، وتنعكس على نفسه وتبدأ تضرب داخل صاحبها ضربا خفيفا حتى تضعف تلك الاجزاء وحينها في لحظة دون سابق إنذار قالوا أصيب بجلطة ، ويتمنى وهيهات أن تتحقق الأمنيات التي دمرها عندما كان يبحث عن الإنتصار المعنوي ، بينما كانت هزيمة النصر المفقود .
إنها خلافات فردية بعيدة عن الحقوق العامة والتي يحق لصاحبها أن يسترد حقه ، ولكنها خلافات محصورة بين أرواح لم تلتقِ مع بعضها ، وإنعدام المحاولة أن تهزم النفس الأمّارة بالسوء لتشعر بلذة الإنتصار على نفسك ، وعدم التمكن من هذه الخطوة في مجلس ترتاده مع الآخرين لراحة نفسك وأعضاءك وروحك ومن حولك ، أرحل بصمت من أجل نفسك وليس الآخرين
هذا النوع من الخلافات حباله طويلة ، ويترك لدى الآخرين إنطباعا غير مروغب ، فيصبر البعض مرة ومرات ، وتتفاجأ يوما أن صداقاتك انهارت في احد جلساتك ، فتصيح مهاجما الجميع أنهم وقفوا مع الطرف الآخر ضدك دون أن تدرك أنك الخصم لنفسك ، حينها ينتهي الأمر ، وتصبح مثل صديقنا الذي يعيش بألم أخيه ونظرات أبيه ، ويتمنى الموت ولكن العذاب يسحبه للهاوية فيقتله مرة ، ولكن يحييه مرات ليذوق ويرى ويسمع كيف هي موسيقى الشيطان ورقصاته وقد يدخل في حالة ليسمع أصواتا تنادي في منامه ويتمنى أن تعود الأحداث مثل أمنية الكافر الذي يتمنى أن يعود ، ولكن سبق السيف العذل ، وحقال كما قال الأولون ، إذا فات الفوت لا ينفع الصوت .
بقلم
أ. طلال عبدالمحسن النزهة