يا شهر رمضان قل لنا وداعا فأنت المغادر برحلة طويلة تمتد لعام ، قبل مجيئك كان من ينتظرك ولكن مضى في ذمة الله وبكت عليه الأرض والسماء ، وبعد مجيئك شَهِدت وفاة بعض الأحباب ، وبكينا وبكت معنا الأرض والسماء ، واليوم تمضي وحان لك الرحيل مع الساعات ، ياشهر رمضان إذا قابلت توأمك في محطة الوصول ، أقرأ عليه أسماء من سجلتهم في بيانتك صياما وقياما وتركت القبول للرحيم الرحمان .
يا شهر رمضان لا تصّدق قولي حينما اقول لك لماذا الإستعجال بالرحيل ، فقد اخذت وقتك ليل نهار ، واكتملت بك الأيام بساعاتها ودقائقها دون نقصان ، فأمضي بنور الله فإنّ على باب خروجك شهر ينتظر القدوم ، شهر يهنئ أصحاب الصيام والقيام ، شهر يقول جئتكم بعد أخي شهر رمضان ولكم الثواب والجزاء في صيام ستة أيام ، وسوف أمضي أيضا لتتوالى الأشهر الحرم ، وهذه هي السنون تتوالى مع الأزمان .
يا شهر رمضان أشهد لنا والله يعلم بالزمان والمكان ، أشهد لنا بصفحاتك أننا بقينا في منازلنا ودخلت علينا فوجدتنا حامدين شاكرين خائفين رافعين ايدينا الى الله أن يأمر جنود مرض كورونا أن تغادر المواقع والأجساد ، وتعود الطمأنينة في أرجاء المعمورة والبلاد .
يا شهر رمضان عندما تعود في رحلتك القادمة فتفحّص الوجوه والأسماء ، فإذا لم تجد منا من عاصرك ليل نهار ، فأدعوا له بالمغفرة والرحمة وسوف تخبرك الأرض والسماء أنها بكت عليه عند الرحيل .
وداعا يا شهر رمضان مع رجاء من الله أن تجدنا في عامك القادم في أحسن حال ، ويرحم الله الأموات الذين لم يتواجدوا في أيامك للصيام والقيام ، انت يا شهر الخير تودعنا والدمع في أعيننا متسائلين هل ترانا ونراك في عامك القادم ، ونرجو الله معك اللقاء ، ياشهر رمضان إلى لقاء فكثير منا لا يقوى على لحظات الوداع ، حقا انت مغادر الآن ، نعم لابد أن تغادر فقد حان الوقت حان ، وانظر الى دمعنا ،
وأمضي صامتا فلا نقوى لحظات الوداع وقل لنا بصمت في أمان الله .
بقلم أ. طلال عبدالمحسن النزهة