الرضاعة الطبيعية ليست عبارة رنانة نتداولها كلما أردنا أن نتجمل أو أن ننمق حديثنا، بل هي الخيار الأفضل والمسؤولية الأجمل والمهمة الأعظم، كممارسون صحيون مهتمون برعاية الأمومة والطفولة من المهم أن ندرك عظمة المهمة والأهم هو أن نؤمن بالمهمة والهدف، فليس من المنطق أن ننصح الأم بالرضاعة الطبيعية بينما نحن ليس لدينا الوعي الكافي أو المنطق الذي يجعل الأم تؤمن بالرسالة التي نحملها لها، ومن هنا نشأت فكرة تدريب الممارسين الصحيين المعنين بصحة الأم وطفلها لتأهيليهم لتقديم المشورة للأم ومساعدتها فيما يخص الرضاعة الطبيعية وبالفعل أتت هذه الدورات ثمارها ونشأت مستشفيات صديقة للطفل ومراكز للرعاية الصحية الأولية أيضاً صديقة للطفل وقد حصل أكثر من ٦٦مستشفى ومركز صحي داخل وزارة الصحة وخارجها على لقب صديق للطفل وقد أطلقت هذه المبادرة منظمة الصحة العالمية واليونسيف عام ١٩٩١م وذلك ضمن الجهود العالمية لتنفيذ وتعزيز ودعم الرضاعة الطبيعية، فماذا يعني ( منشأة صديقة للطفل ) هو المستشفى أو المنشأة التي تطبق الخطوات العشر لرفع معدل الرضاعة الطبيعية بين مراجعينها وخلق بيئة داعمة للأمهات، الخطوات العشر لإنجاح الرضاعة الطبيعية تتلخص في وجود سياسة مكتوبة وتكون معروفة لدى كل العاملين في المنشأة الصحية وتدريبهم على تطبيقها، تثقيف الأمهات على أهمية الرضاعة الطبيعية أثناء الحمل ومساعدة الأم بعد الولادة في تطبيق تلامس الجلد والإرضاع خلال الساعة الأولى من الولادة ودعم الأمهات وتقديم المساعدة لهنَ كي ينجحنَ في الإرضاع بعد الولادة على أن لايتم تقديم أي حليب صناعي للمواليد إلا لضرورة طبية ولايقدم لهم لهايات أو مصاصات وأن يلازم المولود أمه بعد الولادة وهذا مانسميه المساكنة، وبعد الخروج من المستشفى يتم دعم الأم عن طريق عيادة الرضاعة الطبيعية في المنشأة وعن طريق فريق مرشدات الرضاعة الطبيعية والمجموعات الداعمة للرضاعة الطبيعية في المجتمع، جهود وزارة الصحة ممثلة في إدارة التغذية والحرص المستمر على المتابعة وتقييم المستشفيات شهرياً يحثُ على الإجتهاد ويبثُ روح التنافس بين منشآت وزارة الصحة للحصول على لقب منشأة صديقة للطفل، هو ليس مجرد لقب بل جهود كبيرة رغم كل التحديات فليس من السهل أن تغير قناعة إنسان من لايمكن إلى ممكن، نعم من الممكن جداً أن تُرضع كل أم طفلها إذا وجدت الدعم والتشجيع والمساعدة، أصبح لدينا عدد جيد من إستشاري الرضاعة المعتمدين دولياً وتواجدهم في كل منشأة مطلب لإنجاح عملية تطبيق الخطوات العشر وهذا يسهل حصول المنشأة على لقب صديق للطفل، اللقب ليس حصراً على المنشأة بل نريد أن نكون أكثر شمولية فنكون مجتمع صديق للطفل.
*إستشاري عناية مركزة لحديثي الولادة في مستشفى شرق جدة
بقلم : د/ مريم النويمي
إستشاري دولي في الرضاعة الطبيعية
كاتبة في صحيفة الوطن السعودية