كُتاب المقالات

المرأة بين الاحتياج المقنّع والثقة الأصيلة

قراءة تحليلية فيما تقدمه الإعلامية لرضوى الشربيني

بقلم - علياء الشهري

شاهدت كغيري برنامجا تقدمه اعلامية تدعى ” برضوى الشربيني ” فأدهشني ما رأيت أنه حين يتقاطع الإعلام مع الهوية، وتصبح المنابر الصوتية حبالًا للنجاة النفسية عند البعض، تبرز شخصيات تحترف تسويق ذاتها لا كواقع، بل ككاريكاتير إعلامي مشغول بعناية. رضوى الشربيني، واحدة من أبرز هذه الظواهر؛ صورة متقنة التسويق لامرأة “قوية”، “ثقيلة”، “مستغنية”، عن اي رجل بينما بين السطور ما يشبه الصرخة المكتومة لامرأة هي في حقيقتها أحوج نساء الأرض للرجل.

رضوى لا تخاطب المرأة الواثقة بنفسها، بل تستهدف المرأة المهزوزة، المحرومة، المحتاجة، تلك التي تتصنع البرود والتكبر مع من تحب فقط، لا مع من لا يعني لها شيئًا. فكلنا، كما تقول العبارة بدقة، “مع من لا نحب نكتبر ونتجاهل ونهمل ونرفضه”، لكن الامتحان الحقيقي في من نحب. حينها، تظهر هشاشة الداخل واحتياج الروح، وتبدأ لعبة الأقنعة.

إن المرأة الضعيفة، المهزوزة، حين تتلقى إشارة رفض أو ثقل من الرجل الذي تحبه، تهتز، تختل، وتنهار. ليس لأنها ضعيفة فقط، بل لأنها تخشى أنه “كشف حقيقتها العايبة”، الناقصه كما تصفها العبارة بجرأة ووضوح. تلك الحقيقة التي تشعر فيها بأنها ناقصة، فقيرة، عديمة القيمة في عينه، لا لأنها كذلك، بل لأنها تظن ذلك. وهنا يتحول الحب إلى تهديد، والقرب إلى انكشاف، فتفر. تهرب لا حفاظًا على كرامة، بل اتقاءً للعار النفسي المتخيل، وترد بعنف الهجر، وتبيع بسهولة. لا لأنها باردة، بل لأنها مفضوحة أمام نفسها، وتريد الهرب من مرآة الرجل التي انعكس فيها جوعها الداخلي وحرمانها العاطفي.

هذه المرأة – كما تُحلل العبارة – تعطي بدافع الحرمان لا الكرم، فتصبح ككائن طفيلي عاطفي، لا ترى الرجل شريكًا بل مغذيًا نفسيًا. فإن لم يُشبع احتياجها، أدارت له ظهرها، باحثة عن “كائن آخر تتغذى عليه” لتسد فجواتها المتراكمة.

في المقابل، تأتي المرأة القوية، الذاتية البناء، التي لا يخطر ببالها لحظة أنها “حقيرة في عين الرجل الثقيل أو البارد”. هذه المرأة لا تنكسر أمام البرود، بل تحلله. لا تنهار عند التجاهل، بل تترفع عنه، لأنها تعرف أنها ليست في موضع الاختبار أو الاستعطاف. إنها تؤمن أنها الأعظم والأجمل والأفضل، وإن ابتعد الرجل، فالمشكلة فيه، لا فيها. فلاتهرب؟ ولا. تبيع؟ ولا. تتصنع؟ لا. لأنها لا ترى حبها انكشافًا، بل تعبيرًا عن سيادتها النفسية.

هي لا تحتاج أن تُظهر “الندية” لأن الندية تسكنها. لا تغار من امرأة أخرى، ولا تقلل من رجل، ولا تستجدي، لأنها تعرف تمامًا من هي. وإن أحبّت، فهي لا تنخدع بالألفاظ، بل تقرأ الرجل من لُغته الصامتة: تصرفاته، ملامحه، صمته، وحتى قسوته. لأنها تدرك أن بعض القسوة حب متنكر، وبعض البرود غليان مكنون، وبعض الرفض خجل مؤجل.

هذه المرأة هي ما تحاربه نماذج الفقاعات الإعلامية، التي تسوّق للمرأة الضعيفة نسخةً متورّمة من “القوة المزيفة”. إنها لا تحارب الذكور فحسب، بل تحارب النساء الحقيقيات، القويات فعلًا، اللواتي لا يحتجن أن يُصفّق لهن أحد ليشعرن بذواتهن.

وإن ادّعت الثقل، فهي تعكس تمامًا نموذج المرأة التي تخشى أن يُكشَف ضعفها، فتبنيه كدرع هجومي تجاه الرجال. إنها لا تمثّل التمكين، بل القناع. لا تمثّل الغنى النفسي، بل الجوع الملفوف بورق لامع.

المرأة القوية لا تُبنى من مقاطع “اعرفي قيمتك”، بل من جذر عميق في الذات، لا يهتز بتصرف رجل، ولا يتغير بمعاملة، ولا يرتبك عند الرفض. المرأة القوية لا تهرب، لأنها لم تدخل الحرب أصلًا.

خاتمة:

الفرق بين المرأة القوية والضعيفة لا يُقاس بردة فعل تجاه رجل، بل بطريقة قراءة الذات من الداخل. والفرق بينها والمرأة العظيمة هو أن الأولى تبني جمهورها على خوف النساء ورجفتهم واستنفارهم والدعاية لنفسها كنموذج كرتوني هلامي فقاعي هش في التقييم لذوي النفوذ الفكري الواعي والسيطرة الذاتية ومبهر وفذ وبراق للسذج من الناس والتافهين فكريا ويحارب المرأة القوية والعظيمة الحقيقية ، التي تبني ذاتها على الثقة، بصرف النظر عن أي جمهور. والمرأة العظيمة، ببساطة، لا تحتاج أن تُقنع الرجل بحبها، ولا أن تُقنع النساء بأن يكنّ مثلها. هي فقط… تعرف من تكون

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com