التدخين والحساسية الصدرية والأنفية: مقالة معززة بالدراسات العلمية

بقلم : د. نجوى الصاوي - استشارية حساسية ومناعة
الحساسية الصدرية والأنفية من أكثر الأمراض المزمنة التي تُرهق المريض وتقيّد حياته اليومية، فهي ترتبط مباشرة بجهاز التنفس الذي يمثل شريان الحياة. وعندما يلتقي هذا الاضطراب المناعي مع التدخين، تتضاعف المعاناة؛ إذ يصبح الدخان ليس مجرد عادة سيئة، بل عاملًا سامًّا يزيد الالتهاب، ويضعف فعالية العلاج، ويحوّل الحساسية البسيطة إلى مرض مزمن قد يتطور إلى ربو شديد أو التهابات متكررة في الأنف والجيوب.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن التدخين – حتى السلبي منه – يعمل كمحفّز قوي لإطلاق التفاعلات المناعية غير الطبيعية التي تقود إلى تضيق الشعب الهوائية، وانسداد الأنف، وزيادة إنتاج المخاط. وبالتالي فإن مرضى الحساسية الذين يدخنون لا يعانون فقط من أعراض أشد، بل يواجهون أيضًا صعوبة في الاستجابة للأدوية، الأمر الذي يجعل الإقلاع عن التدخين حجر الأساس في أي خطة علاجية ناجحة.
بعض الدراسات أثبتت ان :
1. التدخين كمحفز لتطور الربو لدى مرضى الحساسية الأنفية
• بينت دراسة أجريت على بالغين يعانون من التهاب الأنف التحسسي أن التدخين يمثل عامل خطر مستقل لتطور الربو. المدخنون الحاليون لديهم مخاطر مُضاعفة للإصابة بالربو مقارنة بغير المدخنين (نسبة الأرجحية 2.98)، وتزداد مع تراكم سنوات التدخين حتى OR = 5.05 عند أكثر من 21 pack-years.
• دراسات أخرى أكدت النتيجة نفسها، حيث ارتفع خطر الربو (OR≈5.9) لدى المدخنين الحاليين، بينما قل عند من أقلعوا سابقًا. كما وُجدت علاقة خطية بين كمية التدخين وزيادة شدة المرض.
• التدخين لا يرفع فقط احتمالية الإصابة بالربو، بل يجعل السيطرة عليه أصعب ويزيد الحاجة للعلاج.
2. الآليات المناعية والبيولوجية
• دخان التبغ يؤثر في جهاز المناعة الفطري، ويحفّز استجابات التهابية من نوع Th2 المسؤولة عن الحساسية.
• يقلل من فاعلية الأدوية الكورتيزونية، ويُسرّع تدهور وظائف الرئة.
• في مرضى التهاب الأنف التحسسي، ارتفعت مستويات IL-33 لدى المدخنين وارتبطت بانخفاض مؤشرات التنفس (FEV1 و FEV1/FVC).
3. التدخين السلبي والتعرض المبكر
• تدخين الأم خلال الحمل أو الرضاعة، أو وجود أب مدخن، يزيد من خطر إصابة الأطفال بالربو والتهاب الأنف والملتحمة التحسسي.
• التعرض المبكر لدخان التبغ يُظهر ارتباطًا وثيقًا بزيادة أمراض الحساسية في الطفولة والمراهقة.
4. فوائد الإقلاع عند مرضى الربو
• الإقلاع يحسن السيطرة على الأعراض (AHR, ACQ6, FeNO) حتى لو بقي الالتهاب الخلوي دون تغيير كبير.
• أظهرت دراسات تحسنًا ملحوظًا في وظائف الرئة (FEV1, FVC) وجودة الحياة بعد التوقف عن التدخين.
• برامج مجتمعية رصدت انخفاضًا في الأعراض الليلية وضيق الصدر بنسبة تصل إلى 80% عند من أقلعوا مقارنة بالمستمرين بالتدخين.
الخلاصة:
• التدخين عامل خطر مباشر في تطور الربو لدى مرضى التهاب الأنف التحسسي.
• يفاقم شدة الأعراض، يقلل الاستجابة للعلاج، ويُسرّع من التدهور التنفسي.
• التعرض السلبي للدخان في الطفولة يزيد من قابلية الإصابة بالحساسية.
• الإقلاع عن التدخين ينعكس بتحسن ملحوظ في الأعراض ووظائف الرئة ونوعية الحياة.
نصيحه :لا يكتمل علاج مرضى الحساسية الصدرية أو الأنفية دون الإقلاع عن التدخين، فهو ليس مجرد خيار صحي، بل خطوة علاجية إلزامية للعلاج.



