التدخين: الموت البطيء، والصحة الغائبة

بقلم: سراء عبدالله السبيعي -
ليس في الدخان سوى مأساةٍ تُروى بصمتٍ خانق.
ما من سيجارةٍ يشعلها المدخن، إلا وتحكي عن حلمٍ عالقٍ في صدره، عن حريةٍ خمدت تحت رماد الوجع.
الدخان ليس سجنًا للنفس فقط،
بل هو نارٌ مضاعفة تلتهم كل شعاع أمل،
تعانق الروح فتخنقها، وتُخفي وراء سحبها السوداء صوت القلب الذي صار خافتًا، وكاد أن يُنسى.
كم من رئةٍ تبكي بلا دموع،
وكم من نفسٍ تنتحب بلا صوت،
وكم من حلمٍ اختنق في زفير دخانٍ لا يرى إلا الظلال؟
أيها المدخن:
هل تظن أن السيجارة رفيق؟
إنها سرابك، حلمٌ يهرب منك كلما اقتربت،
نارٌ تلد فيك عتمةً لا تنطفئ،
تسرق منك ضحكتك،
وتخفي تحت الرماد روحك التي لم تعرف يومًا طعم السعادة الحقيقية.
الدخان لا يداوي جرحك، بل يزرع في صدرك أشواك الألم، ويُمعن في قتل ذاتك.
كل نفخةٍ ترسلها، كأنها صرخةٌ مدفونة في أعماقك.
هل سمعت صوت رئةٍ تئن في ليل الوحدة؟
هل شعرت يومًا أن كل نَفَسٍ يُسلب منك، هو قيدٌ جديد على روحك؟
تذكّر أن كل سيجارة تُشعلها،
هي وعدٌ كاذب بالسلام،
هي عداوةٌ صامتة بينك وبين ذاتك،
هي لحظة ضعفٍ تُغتال فيها أجمل ما فيك.
لكن ما زالت فيك قوةٌ لا يعرفها الدخان،
فيك أملٌ ينبض رغم الرماد،
فيك قدرةٌ على أن تقول: كفى،
وأن تترك خلفك كل ما أوجعك وأضعفك.
الإقلاع ليس قرارًا فقط،
بل هو انتصارٌ للذات على عبودية الاعتياد،
هو استعادةٌ للنفس من سطوة الدخان،
هو ولادةٌ جديدة على أرضٍ نقية.
دع الدخان يذهب،
دع رماده يتلاشى،
ولتكن روحك حرّة.
لأن الحياة التي تستحق أن تُعاش، هي تلك التي تشرق فيها الشمس على قلبٍ لا يخنقه دخان.
والسعادةُ… أن تتنفس روحك هواءً نقيًّا لا يعكره دخان، ولا وجعٌ، ولا ألمٌ مقيم،
السعادة إن تطلق سراح عزيمةٌ مؤجلة وُضعت في زنزانة التسويف .
بقلم: سراء عبدالله السبيعي
اكتشاف المزيد من صحيفة اخبار الوطن
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.