ضرب البرق بيته الوحيد فأصاب أطراف الخشب الناتئة، اشتعلت النيران من بدايتها إلى نهايتها، تعاطفوا معه والنار تكاد تلتهم كلَّ شيء بما في ذلك الشباك الخشبي القريب من السقف المحترق، حضروا بمعاولهم وأواني التراب والماء للسيطرة على الحريق، انتحى جانبًا بكبريائه وأخذ يشجعهم تارة ويقترب منهم تارة، همه ألا يعرفوا أسرار الغرفة التي لم يزرها أحد ، امتدت ألسنة اللهب إلى الداخل فاضطروا لكسر الجدار حتى لاتلتهم ما بداخلها، اقترب منهم أكثر وهو مضطرب، يرى أن أكثر الذين يكافحون النار هو من سرقه يومًا، سرعان ماطمأن نفسه بأن الزمن قد غطى على معالم السرقة، سقط جزء من الجدار فهرع المنقذون إلى الداخل لحمل الحقائب والأشياء المعلقة، ظل يدور من الألم والفضيحة، وجدوا بعض الكراسي القديمة والأسلحة اليدوية العتيقة والفوانيس وأقفاص الدجاج، أخرجوا الحقائب وفتحوها وقد ساورهم الشك في محتوياتها، صاح أحدهم : حذاء ابني وقد أمسك بها ورفعها لا أزال أتذكر أنني اشتريتها له للعيد ولم يهنأ بها، ونادى آخر في الحاضرين... هذه الأسلحة التي جاء أهلها يسألون عنها فضُربوا ببعضها وعادوا بالخسران ، أقبلت بائعة الطيور تتوكأ على عصاها وقد عرفت القفص، هذا قفص دجاجي يا... قلتُ لك هذا أثر قدميك وأنت تضحك بغرور، أراد أن يقبلها على مظلة رأسها فامتنعت، علت ألسنة اللهب فتسامع البعيدون بالحريق، جاءوا يبحثون عن مسروقاتهم، توقف المنقذون ولم يكملوا إطفاء الحريق، هوت أركان البيت بأكمله، توزعوا أشياءهم وقد عرفوها وهو ينظر إلى بيته المحترق، طلب منهم السماح على نزوة بغيضة، غادروه وانصرفوا وهو يضرب كفًا على كف من القهر، غاب عنهم أن قاطع الطريق يسكن بينهم.
بقلم
أ. محمد الرياني