هي أمي العظيمة في قلبي وعقلي ، لا تتوان عن التعليم ولا تبخل بالنصح ، لكن اليوم مع النضج الفكري الذي أعاني منه واكتشاف الحياة كبرت على تعاليمها ورفضت نصحها ،وجدتها خدعتني في نصحها عن عمد أو عن خطأ ، ظننت إختلافي معها كان فجوة الأجيال لكني أراه اليوم فجوة القلوب و الفكر ، فالاختلاف غير مبني على البعد الزمني بقدر ماهو مبني على بعد المباديء والتوقعات ، لن أكتب أخطاء أمي فقلمي لايحتمل وزر الكلمة لكن سأذكر ماكانت تعلمني أياه وأقدم عذري عن قبوله .
تقول : لكل مجتهد نصيب ، وتحث دوما على التفوق ولاترضى منّا الا بالمراكز المتقدمة ، و تقرن الإخلاص بالتوفيق فلا يتوفق من لايخلص ، عذراً أمي .. لكن هاهو النصيب الأكبر يفوز به المتخاذل والخائن والكسلان ، و كيف تفسرين لي أن الفاشل أصبح مديرا وراشي مسؤولاً والمنافق سيد في قومه.
تقول :البيوت أسرار فإن دخلتم بيوت الناس ادخلوها عميان واخرجوا خرسان ، تعلمنا حين ندخل بيوت الناس أبدا لانتحدث عما نراه ( عيب) ، تقدس الخصوصية ورسم المسافات ، عذراً أمي ...البيوت هي التي تعرت وكشفت أستارها ، هو ليس فعل الدخلاء بل فعل أهلها ،هم يريدونها مصورة لا مصونة ، لم تعد للخصوصية معنى ولا للعلاقات الخاصة قدسية ،كل الأمور قابلة للعلن والنشر .
تقول: الخير لايضيع مع الناس ، عذراً أمي .. كيف تفسرين لي كل هذا الجحود والطمع والغدر، بل كيف تفسرين لي تلك اللطمات المتوالية،ولو توقعناها لما أدرنا الخد ،هناك من يفسر الخير سذاجة والحب ضعف ،لم تقولي أن هناك من لا يحسن الظن حتى في المعروف تجاههم ، بلى يضيع الخير غالباً عند الناس .
تقول : الدم يحن ولا يتحول إلى ماء ، فالدم رابط مقدس لايمكن أن ينقطع ، عذراً أمي ...كيف تفسرين امتلاء دور العجزة والمسنين بآباء وأمهات ، أو كيف تفسرين دهاليز المحاكم المكتظة بقضايا بين الأخوة وماذا تقولين لي عن القطيعة المنتشرة حتى إن سأل أحدهم عن أخيه يجيب بلا خجل ليس بيننا علاقة !! أوعن خاله قال لا أعرفه !! بلى يصبح الدم ماء ،وينسكب الماء ويضيع في الأرض .
تقول : احترام الكبير واجب حتى وإن اخطأ فالرد عليه هو الخطأ الأكبر ، عذراً أمي ... الكبير الذي يربي ابنه على التطاول على الكبار لايستحق الإحترام ، فرضنا على أنفسنا احترام من لايحترم نفسه ،أرى تطاول الشباب على كبارهم من باب حرية الرأي و أحيانا يكون بمرأى وحضور أمهات لايحركن ساكناً بل قد تتباهى بسلاطة لسان ابنتها وتراه قوة شخصية .
تقول : لابد من إبداء النصيحة وتراها واجب المسلم لأخيه وتردد دائما أن النصيحة كانت تشترى بالمال ، تؤمن بإيمانها الفطري النقي أن لا أحد سيعلم بالحرام وينغمس فيه ولا بالعيب ويطئه ، فالناس في نظرها بنقائها وخشيتها ، وأنك فور نصحك سيتوقفون عن الفعل ويقبلون يديك شكرا عرفاناً على النصيحة الذهبية التي قدمتها لهم مجاناً ، عذراً أمي .. الناس ترى النصح تدخل و انتقاص لهم ، هذا إن نجوت من وصمك بالحقد والحسد .
تدعوا الله دوما بأن يكفينا شر ابناء الحرام ،وكأن الشر مقصور في أبناء الحرام ، حتى ظننتهم ناس مختلفين عنا فرسمتهم في مخيلتي جنس مؤذي من البشر ، لهم أشكال تفضح الشر بداخلهم ؛ فالواحد منهم أحمر الوجه يتطاير الشرر من عينيه ويتوعدنا بالأذى ، وهذا ماضخم حسن الظن لدينا فكل الناس طيبين ولا يمكن أن يتعمدوا الشر عذراً أمي ..الشر حتى في بعض ابناء الحلال أصحاب الوجوه الوديعة و المحيا الجميل ، ، والشر غير واضح ولايختص بفئة معينة ولا بشكل معين ولاهو بعيد عناّ .
تقول في أي خلاف مع أخ او أخت ، منكِ الغلط ،دائما تحملني الخطأ وتغلظ لي القول ومهما أوضح الأمور ترد علي نعم أنت المخطأة .
عذراً ...أمي لم تكن هذه الحقيقة فقد عرفت أنك تقولين ذات الكلام للطرف الآخر و تغلظين بالقول و نفس الدور مع الكل ، وترددين بين الأخوان ليس هناك رابح ، كلاهما يخسران في الخلاف.
تقول لاتبوق ولا تخاف ، عذراً أمي ..فسري لي لماذا سراق المال العام والمزورين هم أكثر الناس أمناً ، ومن سرق وطنه ينام في قصره قرير العين، ولماذا في كل قضية يخاف البريء ويطمئن المجرم.
تقول أمشي سيدا يحتار عدوك فيك ، تكره اللف والدوران وتنهى عن ( الجمبزة ) ، عذراً أمي ؛ تعثرت خطانا لأننا لم نتعلم المشي على الحبلين ولا الإلتواء على الطرق ، و هانحن اليوم نرى النجاح يحصده محترفي السيرك والمسرح .
أطال الله في عمرها وأدامها تاج على رأسي ، ليت الحياة بنقاء روحها وصفاء سريرتها ، لكانت نصائح أمي في مقامها .
بقلم
منيرة المخيال - الكويت
التعليقات 3
3 pings
ابو احمد الشهري
2021-01-24 في 7:23 ص[3] رابط التعليق
تقول : احترام الكبير واجب حتى وإن اخطأ فالرد عليه هو الخطأ الأكبر ، عذراً أمي … الكبير
كلام من ذهب اين نحن متجهين بتربيت ابنائنا
غير معروف
2021-01-25 في 1:16 ص[3] رابط التعليق
حبيت الكلام حيل ، بس عندي ملاحظات ، الاجتهاد يريح ضمير الانسان الي يخاف الله و مايكون همه النجاح كثر ما يكون همه رضا الله ، و التلاعب و الغش و السرقه ممكن تنجو منه بالدنيا لكن بالاخره راح تتحاسب ، و في حديث معناه ان احترام الكبير واجب ، والنصيحه ممكن تغير حال شخص الواحد وده يسوي اي خير يقدر عليه لو بكلمه بس طبعاً نصيحه عن نصيحه تفرق ، و الخير الي يضيع مع الناس مايضيع مع الله ، و ماكان ربك نسيا
غير معروف
2021-06-18 في 6:44 ص[3] رابط التعليق
حبيييييتتتت الكلاام جداً جداً 🤍🤍🤍🤍🤍