اغلبنا يعرف قصة تخلف كعب بن مالك عن غزوةِ تبوك حينما إتبع خطوات الشيطان وغاب عن مُرافقةِ جيش العسرة
وكان كعب قبل الإسلام مِن التجارِ العظام ومِن اسيادِ قومه
صادفت تلك الغزوة نُضوج النباتات وموسم الحصاد فزين الشيطان لكعب ان يتأخر عن الجيشِ رَيْثَما يجني حصاد زرعه ويلحق بالجيشِ الذي كان قد إنطلق لتبوك
ثُمَّ توالت وسوسة الشيطان التي ضلل بها على كعب حتى تكاسل وقال والله لن أستطيع اللحاق بهم
يبقى كعب رضي الله عنه إنسان سوّف وماطل حتى رضخ للواقع وتغيب عن الغزوةِ
وبعد ان علم الرسول صلوات ربي عليه وسلامه عن تخلفِ كعب هجره وخاصمه إلى ان نزلت سُورة التوبة
التي رضي الله فيها عن توبةِ كعب وقد اصابه الهم والحزن والكدر مِن خصامِ الرسول له
فحينما قرر كعب ان يذهب للرسولِ وهم بذلك دخل المسجد ووجد رسول الله وحوله بعض مِن صحابتهِ ولم يرحب بهِ احد
فقام طلحة جاريًا له واحتضنه وصافحه وهنئه
وكسر حاجز الخجل الذي كان يعتري كعب
مِن هُنا جاءت هذه العبارة حينما قال كعب لنفر مِن الصحابةِ
وهو يروي تلك القصة وذلك المشهد
والله لن انساها لطلحة
اردت عنونة هذا المقال بهذا العنوان وإختصار هذهِ القصة التي تُعبر عن فزعةِ طلحة مع كعب
دعوني اتعمق في هذا الموضوع واسهب الحديث فيه خصوصًا في هذا الزمن الصعب
هذهِ المواقف النبيلة تُظهر لك معادن الناس وجودة اخلاقهم
يحتاج كُل شخص لرجل مثل طلحة في حياتهِ
يقف معه وقت الشَّدائِد ويذوب ذلك الجليد الذي يجثم على صدورِ المكسورين
بصراحة تلك اشياء لا تُشترى بل هي هبات ربانية يهبها الله لمن يشاء
وقت الشَّدائِد تظهر حقيقة النفوس وتتباين بين الخبيثة والطاهرة
مئات البشر يعيشون في مُحيطك في عزِ الرخاء جميعهم حولك ورقابهم تُفديك إن احتجتها فقط بالكلام
إلا ان اقوالهُم شيء وافعالهُم شيء اخر بعيد كُل البعد عن ما تلفظ به السنتهُم
المواقف تصنع الرجال وتصنع مَن يسندك ويسير معك جنب بجنب
لا تُصدق كُل كلمة يقولها لك احدهُم
حتى ترى الأفعال تُوازي ذلك الكلام
يحتاج كل منا لشخص يُضيء له دربه مثل الكوكب الوهاج الذي يُنير عتمة ليلك الدامس
نحتاجُ لمن يحتضنُ هُمومنا ويسعى لإرضائنا بما يستطيع
نحتاجُ لمن يحرُسنا مِن افاتِ الدنيا ويزيح من طريقنا كُل الحواجز التي تُعرقل مسيرتنا
ذلك الصديق الصدوق الصادق في كل ما يقوله والمبرهن على ذلك الصدق بتطابقِ افعالهِ مع اقوالهِ
نَحْنُ البشر نحتاج لِمن يروي عطشنا ويلبي إحتياجنا بصدق
ومِن النادرِ في هذا الزمان ان تجد مثل طلحة ولكن حتمًا سيكون موجود وستكتشف ذلك بنفسك
سيظهر ذلك الشخص وربما سيكون غير مُتوقع بالنسبةِ لك
ولكنه سيظهر
وإن ظهر فعليك التشبثُ به والتمسكُ بهذا الكنز الثمين
بادله ذات الرقي بالتعاملِ واظهر له حُسن اخلاقك ووقفاتك الصادقة
حتى تكون العلاقة تكامُلية ويشعر فيها كُل منكم بالأمانِ والظهر الذي يعتمد عليه في ازماتهِ
تُصبح الحياة اجمل بتلك الأرواح وسيطيب لك العيش في دُنيا الله دون خشية وخوف
بقلم
فيصل السفياني
التعليقات 1
1 ping
ابو عبدالعزيز
2020-12-10 في 6:47 م[3] رابط التعليق
الدنيا لسه بخير ، فقط نحسن الظن بالله وهو يدبر معيشتنا وامورنا كلها.