"يتربى بعزكم" عبارة جميلة يتداولها ويتناقلها أفراد المجتمع من منطلق المحبة والألفة والذوق وهي من العبارات العديدة المتعارف عليها بين الناس كافة وتختلف أشكالها باختلاف المجتمعات وإن كان المضمون لايبتعد فيها كثيراً عن أصل المعنى..وهي تقال بطبيعة الحال؛ لتهنئة الأب والأم حين قدوم المولود لهذه الحياة. وحقيقة هذه العبارة الراقية خلفها مدلولات تربوية واجتماعية في غاية الأهمية وهي ليست مجرد كلمات تقال وتمضي بل إن تربية هذا المولود الجديد تكون قد بدأت منذ ذلك القدوم السعيد.. هذا إذا لم تكن قد بدأت أساساً في أحشاء أمه إن صحت المعلومات الطبية من خلال محاولة مناغاة أمه له وإسماعه ماتيسر من سور القرآن الكريم بأصوات المقرئين وخاصة في الشهور الأخيرة من الحمل؛ ليرتاح قلبه وهو مستقر في قرار مكين، أو مجموعة من الأصوات الهادئة التي تجلب الراحة والاطمئنان.
وبالمناسبة عبارة "يتربى بعزكم" أعلاه هي عنوان حملة تربوية توعوية يُشكر عليها مجلس الأسرة وبالتعاون مع منظمة اليونسيف وهي بكل تأكيد تحمل في مضامينها الاهتمام بالطفل عبر موضوعات ذات أهداف واضحة وهي: مرحلة الطفولة المبكرة، وتطور الدماغ، والتغذية الصحية، والرعاية والتربية المبنية على الاستجابة والتفاعل، وأمن وأمان الطفل، والتعلم المبكر، والصحة العامة،إضافة إلى دور الوالدين في مرحلة الطفولة المبكرة من خلال عالم الطفولة ولكي تتحقق هذه الأهداف لابد من تكاتف الجهود بتعزيز المبادرات الوطنية الداعمة للطفولة المبكرة، وتقديم خدمات أساسية تُسهم في تنمية الطفل مبكراً، مع أهمية زيادة الوعي لدى الوالدين وخاصة الأم بحكم الارتباط العاطفي الوثيق مع طفلها في معظم الأوقات، إضافة إلى المختصين والمهتمين في هذا المجال من المراكز التربوية والاستشارية الخاصة، وعمل الشراكات مع الجهات الأهلية ذات العلاقة، والحرص على توثيق البيانات والإحصاءات اللازمة لهذه الخدمة، والأهم هو ضرورة التصدي لكل أشكال العنف ضد الأطفال.
إن من المأمول من هذه الحملة الطموحة أن تصل في نهاية المطاف لمُرادها النبيل؛ بتحقيق أهدافها المرسومة باقتدار وبالتعاون مع المؤسسات التربوية والتعليمية؛ لكي يحظي الطفل بالأمن وينعم بالأمان عبر بيئة تحظى بالحب والاحترام والتقدير ابتداءً من والديه إلى المجتمع المحيط به، وصولاً إلى مايحتاجه في مختلف مراحل طفولته من تكوين شخصية فاعلة ذات قدرات ذهنية عالية، و مفاهيم غذائية صحية وسط اتجاهات متميزة من الوقاية والرعاية والعناية حتى يصبح هذا الطفل شاباً يافعاً يُعتمد عليه في مستقبله المشرق. فيشق طريقه نحو المجد والعلا بكل قوةٍ وثقة وعزيمة وبلا عوائق أو صعوبات تكون أمامه وهذا مانرجو رؤيته لكل طفل في هذا البلد المعطاء ولمجلس شؤون الأسرة الشكر والثناء على هذه المبادرة الرائدة والدعاء بالتوفيق والسداد إن شاء الله تعالى.
بقلم | عبدالرحمن الأحمدي