مـجــزرة الـشـجـاعـيـة
في التاسع عشر من رمضان من عام ألفٍ وأربعمائة وخمس وثلاثين للهجرة ، نشر الجيش الإسرائيلي منشورات تحذيرية إلى سكان حيي الشجاعية والزيتون وبيت لاهيا ؛ مطالبا لهم بالخروج والنزوح إلى وسط غزة ، وعدم العودة إلى منازلهم حتى إشعار آخر .
وفي فجر الأحد من اليوم الثالث والعشرين من رمضان لعام ألفٍ وأربعمائة وخمس وثلاثين للهجرة ، بدأ الجيش هجومه الوحشي على غزة ، برّيًّا وجوّيًّا وبحريًّا ؛ وذلك في إطار عملية عسكرية واسعة النطاق .
كان يوم الأحد يومًا مأساويًّا دمويًّا بشعًا ، وهجوما انتقاميًّا وحشيًّا ، وإبادة جماعية ضد السكان الأبرياء في حي الشجاعية ، حيث فزعت الأفئدة في صباحه على سماع دويّ القذائف والصورايخ الفتّاكة المدمرة والمحرمة دوليًّا .
يومٌ مروّعٌ ، تقشعر له الأبدان ، وتشمئز له النفوس ، وتهتز له القلوب القاسية ، يوم قد صحا البعض فيه والدماء تسيل من جسده ، ولم يصحُ فيه آخرون ؛ لأن أرواحهم قد أزهقت .
منازل أبيدت وصارت قاعًا صفصفًا ، وأخرى هدمت وأصبحت خاوية على عروشها ، نفوس اغتيلت وتقطعت أشلاء ، تحت الركام ، وفي جميع نواحي حي الشجاعية بأفنيته وشوارعه .
استشهد في ذلك اليوم وحده بما يقارب مائة فلسطيني ، وجرح المئات ؛ وذلك من جراء القصف العشوائي الهمجي الانتقامي للشعب الأعزل .
استمر العدوان الإسرائيلى على حي الشجاعية مدة عشرة أيام متواصلة ، وبعد ذلك طَفِقَ بهجومه البري على قطاع غزة ، وقام بحصارهم وأَسَرَ المستهدفين ، وقتل الرامين بالحجارة .
وكانت حصيلة القتلى تفوق الألف شهيدًا ، وآلاف الجرحى الذين قُطِّعت أرجلهم وأيديهم وعميت أبصارهم ، ومنهم من أصيب بشلل وعاهات مستديمة .
حياة بائسة للشعب الفلسطيني العربي الأصيل داخليًّا وخارجيًّا ، الذي كابد وما زال يناضل من أجل العودة والاستقلال ، هذا قدر الله يا إخوتنا وأعزاءنا ، فاصبروا وأبشروا ، ستعودون إلى أرضكم قريبًا إن شاء الله .
ستعود القدس لا محالة ، وهذا وعد من رب العالمين ، قال الله تعالى : وَقَضَیۡنَاۤ إِلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِی ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَیۡنِ وَلَتَعۡلُنَّ عُلُوࣰّا كَبِیرࣰا ٤ فَإِذَا جَاۤءَ وَعۡدُ أُولَىٰهُمَا بَعَثۡنَا عَلَیۡكُمۡ عِبَادࣰا لَّنَاۤ أُو۟لِی بَأۡسࣲ شَدِیدࣲ فَجَاسُوا۟ خِلَـٰلَ ٱلدِّیَارِۚ وَكَانَ وَعۡدࣰا مَّفۡعُولࣰا ٥ ثُمَّ رَدَدۡنَا لَكُمُ ٱلۡكَرَّةَ عَلَیۡهِمۡ وَأَمۡدَدۡنَـٰكُم بِأَمۡوَ ٰلࣲ وَبَنِینَ وَجَعَلۡنَـٰكُمۡ أَكۡثَرَ نَفِیرًا ٦ إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ فَإِذَا جَاۤءَ وَعۡدُ ٱلۡـَٔاخِرَةِ لِیَسُـࣳۤـُٔوا۟ وُجُوهَكُمۡ وَلِیَدۡخُلُوا۟ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةࣲ وَلِیُتَبِّرُوا۟ مَا عَلَوۡا۟ تَتۡبِیرًا ٧﴾
( الإسراء)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ، فيقتلهم المسلمون ، حتى يختبئ اليهود من وراء الحجر والشجر ، فيقول الحجر أو الشجر : يا مسلم ، يا عبدالله ، هذا يهودي خلفي ، فتعال فاقتله ، إلا الغرقد ؛ فإنه من شجر اليهود) . رواه مسلم في صحيحه
ستعود القدس ، وسنصلي فيه ، شاء العالم أم أبى ، ستعود القدس عربية إسلامية ، وسيرى اليهود الخزي والقتل والتشريد ، ولن يدوم الاحتلال للشرذمة الباغية ، الذين لا مأوى لهم ولا وطن ، سينتصر المسلمون على اليهود وعلى من والاهم ، وسيعود القدس يومًا ما فلا تيأسوا.
بقلم أ. مهدي جدُّه حكمي