لاشك أن التغيير والتطوير مطلب ينشده الجميع في شتى المجالات، ومانشهده من تغيير في نظام التعليم الجديد، في المملكة العربية السعودية، الذي صرّح به وزير التعليم، وأمر بتطبيقه مع بداية العام الدراسي الجديد، يتمثل في تطبيق ثلاثة فصول دراسية، بدلًا من فصلين دراسيين، ويتخللها العديد من الإجازات القصيرة، مع تقليص العطلة في نهاية العام إلى النصف تقريباً.
وهذا النظام مقتبس من أنظمة بعض الدول التي تطبقه، مثل: بريطانيا، وسنغافورة ،والإمارات، مع أن أكثر دول العالم، تُفضّل نظام الفصلين في الدراسة.
ولعلنا نستعرض بعض الإيجابيات، والسلبيات ،لهذا النظام الجديد، ونستحضر تجارب من سبقنا في تطبيقه، لنعزز الجانب المشرق، ونسلّط الضوء على بعض المعوقات التي قد تحد من فاعلية وجدوى هذه الآلية، وهل بالإمكان نجاحها ؟ وتطبيقها بالشكل المأمول.
ومن أبرز الإيجابيات لهذا النظام، هي إضافة مواد دراسية جديدة، ودمج الحضور وعن بُعد(نظام التعلم المدمج) وتعتبر ميزة يمتاز بها هذا النظام ،وسيكون لها أثر إيجابي في زيادة المعارف، واتساع المدارك، لدى الطلاب.
أما المعوقات التي ستُعيق تنفيذ هذه الآلية، وتحول بينها وبين مايطمح إليه صاحب القرار، فقد تطغى على الجانب الإيجابي، ومن أبرزها التجهيزات والإمكانات التي تفتقر إليها الكثير من المدارس، لأن الطالب سيقضي جُل وقته في المدرسة، وبالتالي فإن لم تكن البيئة التعليمية جاذبة ومسلية للطالب، فلن يتحقق الهدف المنشود.
وكذلك النظام الإداري الذي يُعتبر غير محفّز
للطالب، والمعلم، وأشبه مايكون بالنظام الروتيني المُمل والغير متجدد.
أما الأعباء المالية، فبطبيعة الحال ستزيد المصروفات على الأسرة بشكل عام، وقد تتضاعف بعض التكاليف المالية عما كانت عليه، وقد يرى بعض مُلاّك المدارس الأهلية أن الفرصة سانحة ،لرفع الرسوم الدراسية، وهذا وارد، وبذلك سيقل إقبال الطلاب على المدارس الأهلية، ويزداد العدد في المدارس الحكومية، ويترتب على ذلك تبعات لاتخدم هذا التغيير، والتطوير .
وأخيرًا الإجازات القصيرة التي تتخلل الفصول الدراسية، فقد تُرهق الطالب والأسرة، وهذا يحتاج إلى إعداد نفسي للطالب، وتهيئته مرة أخرى بعد كل إجازة، وقد يقع غياب من الكثير من الطلاب قبل وبعد الإجازة، كما شاهدناه في الأعوام السابقة.
وبعد أن استعرضنا الجانب المشرق، وبعض المعوقات يمكننا القول: بأن الخلل يكمن في القصور الملحوظ في التجهيزات داخل المدارس، والبنية التحتية بشكل عام، فقد تجد الفصول غير مهيأة، وتفتقر لأدنى المقومات الأساسية ومكتظة بالطلاب وبذلك لن يتيسر للمعلم تطبيق الكثير من الاستراتيجيات، ويضطر أن يتجاوز عن الكثير من الأفكار، إما لعدم توفر الوسائل المطلوبة، أو عدم إمكانية تطبيقها، وبذلك يصبح الواقع غير ملائم ومواكب لهذه الآلية.
أما طبيعة الحياة والثقافة السائدة فتختلف من بلد إلى آخر، وقد يكون هذا النظام مناسباً في بلد ما وهذا لايعني بالظرورة أنه سينجح لدينا لأن كل بلد له ثقافة وبيئة مختلفة قد تختلف عما نحن عليه بشكل جذري، ولعلى دولة الإمارات العربية المتحدة، هي الأقرب من بين الدول المذكورة لطبيعة الحياة والثقافة لدينا، وقد أظهر استطلاع رأي أجرته إحدى الصحف الإماراتية عن مدى فاعلية هذا النظام المطبق لديهم منذُ تسعة أعوام، وقد شارك فيه أربعة وخمسون ألف شخص تقريباً، من الخبراء والتربويين وأولياء الأمور والمعنيين بالعملية التعليمية، وكانت النسبة الأعلى والتي تمثل ٨٨٪ من المشاركين يؤيدون العودة إلى نظام الفصلين، مؤكدين عدم جدوى هذا النظام، وأنه مرهق للأسرة وتسبب في تقليص العطلة الصيفية إلى النصف تقريباً .
وكان من الأجدى والأنفع لدينا قبل طرح هذا النظام أن يُطبّق بشكل جزئي على مجموعة من المدارس وفي حال أثبت نجاحه يُعمم على كل المدارس .
وختاماً نقول: لاتقاس جودة المخرجات في التعليم بزيادة عدد الأيام الدراسية، وإنما بجودة المناهج، والمرافق العامة، والبنية التحتية، والأنظمة الإدارية، وتوفير كافة الأجهزة والوسائل التي تساهم في وصول المعلومة للطالب بكل يسر وسهولة .
بقلم
أ. علي عبدالله الشهري