طرقتُ البابَ ، سمعتُ صوتَها ، مَنْ أنتَ ؟
وقفتُ صامتًا !
ادخل يا مهدي !
كيفَ عَرَفَتْنِي ؟
فتحتُ البابَ .
ابتسمتْ ابتسامةً ملكت قلبي .
السلام عليكم ، كيف حالك عمتي ؟
افترَّت شفتاها ، وبَدَتْ أسنانُها البيضاء .
ذاتُ فرقة الثنايا العلوية تتلألا .
أمسكت برأسِها ، ثم انحنتْ كشجرةٍ باسقةٍ .
قبَّلتُ رأسَها الفوَّاحَ عطرًا .
باشرتني الحديث تسأل ؟
كيف حالك ؟
كيف حال أبيك ؟
كيف حال أولادك ؟
قلت : الحمدلله .
ثم قالت : رحم الله أمك الطيبة الكريمة .
تحدثني برفق وحنان ، أمٌّ عظيمة .
حديثُها ذو شجون .
لا تمل منه وإن وقفت السنون .
إذا قاطعتُها أنصتتْ .
أدبٌ بلا حدودٍ .
تستمعُ إليَّ حتى أُنهي حديثي .
تجعلني أخجلُ من نظراتِها .
تنظرُ في عيوني بثباتٍ .
تحاورني فيما أريد .
وتفهمُ الإيحاءَ من بعيد .
لها قَوامٌ سبحان الخالق .
سبحان من وهبها جمالًا .
لم تتغير رغم كِبَرِ سنها .
لها عقلٌ رزينٌ .
فريدةٌ فطينْ .
ألمعيةٌ نافذة البصيرة .
ملهمةٌ من ربِّ البرية .
قد حباها الله نورًا .
ظاهرًا أجدى سرورًا .
من صلاةٍ ونقاء .
من ودادٍ ووفاء .
عمتي : لقد أذن لصلاة العشاء .
سأذهب إلى اللقاء .
قالت : حفظك الله يا غالي .
خرجتُ من البابِ .
نظرتُ إلى الخلفِ فإذا بها واقفة تتبعني بنظراتها .
كلما مشيتُ أدرتُ وجههي نحوها .
تنظر إليَّ وأنا أسير .
ما هذا الإهتمام ؟
أهو عناية زائدة أم غرام ؟
ذهبتٌ بعيدًا وما زلتُ استرق النظر يمنةً .
لقد اختفتْ كقمرِ الغروب .
ربما تكون واقفةً .
وربما تكون ذهبتْ .
وربما لن أراها مرة أخرى ؛
لأنها غادرت الحياة .
وداعًا أم يحيى .
بقلم
أ. مهدي جدُّه حكمي
التعليقات 6
6 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
دكتور احمد حسن علي.
2021-07-07 في 1:35 م[3] رابط التعليق
اللهم ارحمها واغفر لها و احشرها مع الانبياء والصديقين والشهداء. وانا لله وانا اليه راجعون.
ابراهيم الحكمي
2021-07-07 في 3:18 م[3] رابط التعليق
رحمة الله عليها وعلى جميع المسلمين
محمد
2021-07-07 في 3:48 م[3] رابط التعليق
رحمها الله رحمة واسعة واسكنها فسيح جناته والهمكم الصبر والسلوان وإنا لله وإنا اليه راجعون
فواز حكمي
2021-07-07 في 4:57 م[3] رابط التعليق
رحمها الله وغفر لها وأسكنها فسيح جناته .
مقال مشع
عثمان مسملي
2021-07-08 في 12:09 م[3] رابط التعليق
رحمها الله وأسكنها فسيح جناته
وألبسك وأهلها الصبر والسلوان
كلام جميل ورائع منك أستاذي الفاضل
أبو مالك
2021-07-13 في 8:16 ص[3] رابط التعليق
حزاكم الله خيرًا إخوتي وأحبائي