من مواسم الطّاعة العظيمة العشر الأول من ذي الحجة، التي فضّلها الله تعالى على سائر أيام العام؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر. قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء أخرجه البخاري
ويجتمع فى الليالى العشر من ذو الحجة أكثر من ركن من أركان الإسلام وهي الصلاة باعتبارها الركن الأول من أركان الإسلام ، والركن الرابع من تلك الأركان وهو الصوم ، بالاضافة الى تمييز تلك الأيام العشر أيضا بالركن الخامس من الأركان التى يرتكز عليها دين الإسلام الحنيف وهو حج البيت لمن استطاع اليه سبيلا .
تشمل الأيّام العشر من ذي الحجّة أفضل الأيّام، مثل: يوم عرفة؛ وهو يوم الحَجّ الأكبر الذي تُغفَر فيه الذنوب والخطايا، وتُعتَق فيه الرِّقاب من النار، ومنها أيضاً يوم النَّحر؛ لقَوْل النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ).[٥] تُؤدّى فيها فريضة الحجّ التي تُعَدّ من أعظم الفرائض.
وقد سميت بالمعدودات، حيث يقول تبارك وتحالى في محكم تنزيله: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ).
ويعتبر التكبير في عشر ذي الحجة من الأعمال والعبادات العظيمة، التى يستحب للمسلم أن يكثر منها لله عز وجل في هذه الأيام، وأول أيام العشر المباركة الذى أقسم الله عز وجل في كتابة العزيز:" والفجر وليال العشر".
ومن الأدلة التى استند إليها العلماء على أن التكبير مستحب في أيام العشر من ذي الحجة قول الله تعالى في الآيه 28 من سورة الحج :" وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ".
أيام عشر من ذي الحجة ولياليها من الأيام الشريفة والفضيلة التي يضاعف الله فيها الأجر والثواب وحث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على استغلالها بالأعمال الصالحة و التقرب إلى الله
بالأعمال الصالحة ومن أحب الأعمال إلى الله هي الصيام حيث روى أن النبي صلى الله عليه وسلم : “قلتُ يا رسولَ اللَّهِ مُرني بأمرٍ ينفعُني اللَّهُ بِهِ، قالَ: عليْكَ بالصِّيامِ ، فإنَّهُ لا مثلَ لَه” .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم حريص على صيام العشر من ذي الحجة كما ورد عن حفصة رضي الله عنها قالت: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ، وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ).
ومن هنا تظهر أهمية ادعية عشر ذو الحجة فى مدى استجابة الله عز وجل لدعاء العباد فى هذة الأيام المباركة التى تتميز بأفضلية خاصة عن باقى الأيام.
_عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير» [أخرجه الترمذي في الدعوات]
ومن رحمة الله تعالى بنا أن أفاض علينا من مواسم الخير، وهيأنا لنستقبل نفحاته في أماكن وأزمنة بارك فيها، حدّدها لنا سبحانه وتعالى، وجعل لمن يغتنمها أن تتضاعف طاعته من الخير وصالح الأعمال. وانتهاز هذه الفرص واقتناصها من علامات القبول والتوفيق، ومن وافق ساعاتها وعاش لحظاتها، فإنه ذو حظ عظيم.
الحكمة من تنوع طرق الطاعات ومزية هذه الأيام الفاضلة، سواء الحج المبرور الذي ليس له جزاء إلا الجنة، أو العشر الأوائل من الحج، والعشر الأواخر من رمضان، والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينها؛ تدور علينا وتتكرر مع تعاقب الأيام والشهور والسنين، لأن مجاهدة المؤمن لنفسه مسألة مستمرة لا تتوقف، والمسلم يحاول أن يجاهد نفسه للسير في طريق الاستقامة، ويبعدها عن طريق الغواية، وهذا يكون في كل الأيام.
ويزداد الاجتهاد عند اقتراب مواسم الطاعات، والبعض ينساق وراء الشهوات، ويعجز عن إلزام نفسه بالفضائل، ويتخلى عن كثير من أوامر الله ورسوله، ويضعف أمام المواجهة، ويفقد الأمل في تغلب الخير، لهذا تكون هذه المناسبات فرصة مواتية للتوبة والأوبة، ولزوم الطاعة ودوام الإقبال على الله والرجوع إلى ما أمر به.
بقلم
الكاتبة أ. هدى حكمي