كان الحجُّ قديماً رحْلةً تحُفُّ بها المَخاطِر، فمِن مَخاطرِ المرضِ؛ حيث تكثرُ الأوْبئةُ؛ إلى العطشِ لقلّة الماء، وكذلك مخاطرُ السُّيول؛ التي كثيراً ما اجْتاحتِ الحجَّاجَ، وهم في بُطونِ الأوْدية، وإذا سلمَ الحجاجُ من تلك المخاطِرِ، فقدْ لا يأمنون قُطَّاعَ الطُّرق؛ بسبب ضياعِ الأمْن، و ذلك خلالَ رحلةٍ تسْتغرقُ بِضْعة أشْهرٍ؛ تقلُّ أو تزيدُ بحسَبِ البُعدِ عن مكة؛ حتى قِيلَ في الحجِّ "الذَّاهبُ إليه مَفْقودٌ، والخارجُ منه مَوْلودٌ" ولذلك كان أهلُ الحاجِّ يودِّعونَه وَداعَ مُفارِقٍ، فَكمْ من حاجٍّ ماتَ في رِحلةِ حجِّهِ،
َوإذا فارقَ الحاجُّ أهلَه انْقطعتَ أخبارُه، فلا تُوجدُ وسائِلَ للتَّواصلِ يومئذٍ، وتمرُّ الأيامُ والكلُّ يعيشُ على أملِ الفرحِ والسُّرورِ بعودةِ هذا الغائبِ؛ الذي قطَع المَفَاوِزَ والقِفار، وعانى من نَصَبِ الأسْفار، وكابَدَ المَشَاقَّ والأخْطار، وبعد انتهاءِ موْسمِ الحجِّ، وعوْدة الحجاجِ؛ يترقَّبُ الأهلُ عودةَ غائِبهم؛ يَحْدوهم الأملُ، ويدفُعهم الشَّوقُ؛ لذلك لا يَنتظرون قُدومَه؛ بل يَبعثون شخصاً لِمُلاقاتِه؛ قبل أن يصِلَ إليهم بثلاثةِ أيامٍ أو أربعة؛ بِحسَب نَشاطِ ذلك الشّخص، الذي يقطعُ هذه المَسافةَ جَرْياً على قَدَمَيْهِ، فَيَبحثُ عنه في المَحَطَّاتِ التي يَستريحُ فيها الحجّاجُ، فإذا وجَدَه سالماً اطْمأنَّ عليه، وأخذ عُلومَه وأخبارَه، وأخذ شيئاً ممَّا يخصُّ هذا الحاجّ؛ كسجَّادتِه أو مَسْبحتِه، ثم رجعَ سريعاً يُبشِّر أهلَه بسلامتِه، وقُرْبِ عوْدتِه، فيَفرحُ أهلُ الحاجِّ أشدَّ الفرحِ، فيُعطون هذا المُبشِّرَ ما تجودُ به أنفُسُهم مُقابِل هذه البِشَارَة السَّارَّة.
كان ذلكُم هو المُبَشِّرُ في منطقة جازان؛ يَحْكي واقِعاً للحجِّ في أيامٍ خَلَتْ، والآن بفضلِ الله، ثم بجهودِ وُلاةِ هذه البلادِ المُباركة؛ أصبحَ الحجُّ نُزهةً مُمْتعَة، ورحلةً سعيدةً لا يمكثُ فيها الحاجُّ أكثرَ من أسبوعٍ، ولا يهتمُّ أهلُه بِتوديعِه، و كأنه ذاهبٌ إلى عمَلِه أو سُوقِه، وهو على اتِّصالٍ دائمٍ ومُباشرٍ بهم، فللهِ الحمدُ أولاً وآخراً ومن قبلُ ومن بعد.
وهذا المُبَشِّر كان أيضاً في مناطق المملكة الأخرى، وله تاريخٌ في العصور الإسلامية؛ كالعصر المَمْلوكي والعُثْماني؛ لكن كان بصورة أشْمل؛ حيث كان يُرافقُ قوافلَ الحجّاج الرَّسْمية؛ المَبْعوثةِ من قِبَل السُّلطان، والتي تُسمَّى "المَحْمِل" فيُرافِقُهم إلى مكة، وبعد أن يُؤدي الحجاجُ مناسِكَهم، يَسبقُهم في الرجوعِ، ويُبَشُّرُ السُّلطان بسلامةِ الحجاجِ، ويخبرُه بكلِّ ما جَرَى في المشاعِر من أحداث.
بقلم | العابد سبعي.
١١ من ذي الحجة ١٤٤٢ للهجرة.
- بيت الحكمة يشهد أعمال الندوة الدولية لملتقى الشارقة للخط
- العماري يخطف ذهبية البندقية الهوائية للمرة الثانية على التوالي
- العيسى واليسا يتوجان بذهبية الدراجات
- زرعتها بيدي”مبادرة تشجير لمدارس الابتدائي
- الأمير سعود بن جلوي يتوّج الفائزين في مسابقة التجديف الساحلي
- تطلق ” الداخلية ” ختماً خاصاً بمعرض الصقور الدولي
- “تعليم الرياض” يحتفي بيوم المعلم في جميع مدارسه
- تعليم الطائف يطلق سلسلة من اللقاءات التعريفية لجائزة سمو محافظ الطائف للتميز التعليمي “مُلهم”
- مدير تعليم الطائف يوجه بتفعيل اليوم العالمي “للمعلم “إيماناً بمعرفة أثره
- رصد النشاط الشمسي من المنطقة العربية
المقالات > الـْــمُبَشِّر
بقلم | العابد سبعي
الـْــمُبَشِّر
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.watannews-sa.com/articles/217089.html