من عاصمة الشعر جيزان حضر ضيفنا محملًا بالشعر،فاستقبلته المجاردة بلهفة الأرض المتعطشة للمطر وبقلق العراف الباحث عن أجوبة لأسئلة وجودية وإنسانية كبرى، كوردة فلّ جازانية استل شاعرنا قصيدته ؛ ليشهر ما في قلبه من عشق ومحبة وإنسانية هي بالنسبة له رأس مال الشعرية التي يعبر بها إلى الآخر.
افتتح الشاعر الأمسية بالوطن واختتمها بالوطن، وقبل ذلك قدم نصًا تغزل فيه بالمجاردة وأماكنها الجميلة، فحضر ثربان وريمان وغيّة والغيل في أسلوب شعري مدهش كأن الشاعر يتعمد فيه أن يمتحف تلك الأماكن في متاحف الذاكرة والخلود.
وبرغم التجربة الممتدة للشاعر ونتاجه الإبداعي الوفير إلا أنه استطاع بذكاء إبداعي أن يعتصر تلك التجربة ويخرج لنا بمجموعة نصوص محمّلة بشحنات روحية ووجدانية وإنسانية حلّقت بنا في فضاءات شاسعة من الطهارة والجمال، كما استطاع ببصمته الأسلوبية القادرة على تطويع التراث الأدبي والديني وتكريره في مصفاة القصيدة أن يسافر بنا إلى عوالم شعرية معبأة بالقداسة والإدهاش في أسلوب شعري متين يذكرنا بعوالم الجواهري وطرفة وقبل ذلك بامرئ القيس.
في ليلة محمد إبراهيم يعقوب كان صوت الشعر عاليًا، ورغم ذلك فقد شدّ انتباهي عدد من الأمور أهمها الحضور الجماهري من مختلف الأطياف صغارًا وكبارًا رجالًا ونساءً وهو الأمر الذي يعكس وجه المجاردة الثقافي الحضاري في أجمل صوره كما لفت انتباهي تكاتف الجميع أفرادًا ومؤسسات وإصرارهم على إنجاح الأمسية، فحضرت المحافظة بدعم مالي سخي وحضرت البلدية قبل ذلك بتهيئة مكان جذاب يليق بالحدث، أما الحضور الكبير فكان للجنة الثقافية وأعضائها المبدعون إذ حرص المنظمون على إلغاء جميع الاجراءات الروتينة المتبعة في مثل هذه الفعاليات مما إضفى جواً من البساطة والألفة أنعكست على الأمسية فاختلط الشعر بالشعور والحب بالإيمان وتشارك الجميع الشعر.
ختامًا لايسعني إلا أن أتقدم بالشكر للشاعر الجميل محمد إبراهيم يعقوب على حضوره وتشريفه كما أشكر القائمين على تلك الفعاليات ممثلين لجنة المجاردة الثقافية وأدعو الجميع إلى مواصلة الجهود للارتقاء بالحراك الثقافي في المجاردة وجعله قادرًا على السير بالمحافظة من حيزها الجغرافي الهامشي إلى متن الفعل الثقافي في الوطن.
سعيد الشهري
معلم في التعليم العام
ماجستير في الادب والنقد