لكل إنسان شخصيته المميزة، والمتفردة عن غيره من الناس، كما أن لكل فرد بصمة خاصة لاتتشابه مع الآخرين، كذلك الحال مع الشخصية؛ فالناس يختلفون في نظرتهم للأشياء، وفي تعاملهم مع بعضهم البعض، وفي تقبلهم ونقلهم للأحداث، وهذه طبيعة البشر من لدن آدم إلى قيام الساعة.
وحديثنا اليوم؛ عن التقليد وأثره الإيجابي والسلبي، على شخصية المقلد، وعلى المجتمع .
والتقليد نوعان: المحمود الإيجابي، والمذموم السلبي
-التقليدالمحمود والواجب والمباح: هو تقليد النبي ﷺ والتأسي به واتباعه، في كل ماورد عنه، فهو القدوة والأسوة للمسلمين جميعاً، فقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:21] .
وكذلك تقليد علماء الأمة، والصالحين، وأهل الفضل، والإحسان، ولاضير أن نقلّد الأمم الآخرى، في العلوم التجريبية، والتطبيقة،والطبية ،والتقنية، والتكنولوجيا، التي تساهم في تيسير، وتسهيل أمور الحياة .
-أما التقليد المذموم: فهو التقليد الأعمى؛ الذي لايزيد الأمة إلا نكوصاً، وتقهقراً، ويسلب إرادة وكيان الأشخاص،
ويصبح المُقلد كالببغاء، الذي يستمع وينفّذ، دون تأمل أو إدراك، أو تفكر وتدبر فيما يقول أو يسمع، ويطمس شخصيته، وبصمته، وهذا هو التقليد المذموم؛ الذي حذّر منه الرسول ﷺ في الحديث الوارد عن أبي سعيد رضي الله عنه، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُم شِبْرًا بشبْر، وذراعًا بذراع، حتَّى لو سَلَكُوا جُحْر ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ))؛ رواه الشيخان.
وفي هذا الزمن نجد الكثير من الناس يتقمصوا ويقلدوا شخصيات غيرهم، ليصبحوا نسخة مكررة لذلك المشهور، الذي ليس أهلاً لأن يكون قدوة لغيره، وهذا وارد من الأطفال والمراهقين، لأنهم لازالوا في مرحلة عمرية تحتاج إلى المتابعة، والحرص، والتوجيه
إلى الطريق السليم، وهي مسؤولية الأسرة، وتتضاعف المسؤولية إذا كان هناك مايخالف الدين، والعادات والتقاليد القيم.
أما الإنسان العاقل الذي يميّز ؛ فلا شك أن من الأولى أن يرسم لنفسه وشخصه مساراً خاصاً يُعرف به ، ليتميز ويتفرد به عن غيره، وإن أراد تقليد ومحاكاة الآخرين، فاليكن كالنحلة التي لاتقع إلا على الأزهار المثمرة والجميلة، لينتج شيءً جميلاً، يليق بشخصه ويرتقي بذائقته.
ومن الصور الظاهرة للتقليد الأعمى والمنتشرة بين الكثير من الناس، تقليد بعض المشاهير الذين ليسوا أهلاً لذلك في أقوالهم، وأفعالهم، وعاداتهم، التي ربما تكون دخيلة على عادات المجتمع وتقاليده، ومخالفة للشرع، وكذلك تقليد الغرب وتتبعهم في الموضات، والأزياء، والمناسبات؛ كالأعياد الغير مقبولة شرعاً ولاعرفاً.
وهُناك عادة مكتسبة من الغرب نتيجة التقليد، وقد نرى الكثير من المشاهير والعامة، يمارسونها وكأنها ميزة للمتحضر، والمتمدّن، ألا وهي: الأكل والشرب باليد اليسرى، من دون عذر، وهذا ينافي تعاليم الدين الإسلامي، والقيم ويخالف العرف والعادات .
والحل الأمثل للحد من التقليد: هو تعزيز الوازع الديني، من خلال المحاضرات، والندوات، والمنشورات، ونشرها في مواقع التواصل، لرفع مستوى الوعي، وإبراز العادات الحسنة والتمسك بها، وملء أوقات الفراغ لدى الشباب باكتساب المهارات، وتنمية القدرات، وإظهار نماذج من القدوات الحسنة، ومتابعة الأبناء ومصادقتهم، والقرب منهم، وتوجيههم إلى الطريق السليم.
بقلم
أ. علي عبدالله الشهري