منطقة جازان من المواطن القليلة بالمملكة العربية السعودية التي تنمو بها غابات الأَراك، وكانت في الماضي تغطي أجزاء واسعة من أراضيها، ولكنها الآن يُخشى عليها من
الانقراض والزوال؛ بسبب المِسْواك، الذي يستخرجُ من أُصولِهِا وعروقِها، وعملية استخراج المسواك تُسمى "التَّعْريق" نسبة إلى العروق وهي
الجذور، وهذا التعريق هو الخطرُ المحدِقُ بغابات الأَراكِ والهِياج في منطقة جازان؛ لأنه بسببه مات بعضُها، وبسببه توقف البعض عن النُّمو، وأصابها الجفاف والهُزال، وأصبحت شُجيراتٌ جافَّة لاطِئَة بالأرض، بعد أَن كانت نِضِرةً بهية، عاليةَ الأَغصان سامِقةَ الفروع، وهذا التَّعريق تعريق جائرٌ، يُستخرج به كل يوم كميات كثيرة من عروق الأراك، ولذلك توقف نموها حتى مع كثرة هطول الأمطار، وجريان السيول.
لقد كان الآباء والأجداد يحافظون على غابات الأراك، ولذلك كانوا لا يَسْتاكون بعروقِ الأَراك في الغالب، وإنما يَسْتاكون بالأغصان الطريَّة، وهذا هو الواردُ في السُّنَّة النبويَّة؛ أَيْ الاستياك بغصنِ الأراك، ففي الحديث:
"صَعِد عبدُ الله بن مسعود رضي الله عنه يوماً شجرة الأَراك يَجْتَني سواكاً لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فهبَّت ريحٌ، فضحك القوم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ممَّ تضحكون؟ قالوا: نضحك من دِقَّة ساقَيْه يا رسول الله"رواه أحمد والبَزَّار والطبَراني.
فا ابن مسعود كان يأخذ السواكَ من غُصْن الأَراكِ، بقرينة صعوده على الشجرة، وحتى لو كانوا يستاكون بجذور الأراك، فهو بشيء قليل لا يؤثر، وليس كا لآن أصبحت تجارة ومصدرا للكسب على حساب هلاك هذه الغابات.
وليس ضرورياً أَن يُقْضى على ما بقي من شجر الأراك؛ ليستاك الناس بعروقه.
وقد يقول قائل: السواك سُنَّة، فبماذا يستاك الناس؟
ونقول: السواك سُنَّةٌ، والهدف منه نظافة الأسنان والفم، وهذه السُنَّة تحصلُ بأي شيءٍ يحقِّق الهدف، كما ذكر ذلك الفقهاء، فقالوا:
يُسنُّ السواك بأي عودٍ يحصل به نظافة الفم، كعود العُرْجون من النخل، وعود شجرة الزيتون، وعود شجرة العنب، بل ويُسن التَّسوك بالأصبع والخِرْقة عند عدم العود، والآن أصبحت فُرَش الأسنان والمعاجين هي من أفضل وسائل تنظيف الأسنان، وهي تتحقق بها السُنَّة ولا شك؛ لأن تنظيفها أبلغ من تنظيف العود، مع ما فيها من الرائحة الزكيَّة.
وهذه كلها بدائل عن عروق الأَراك، التي تتسبب في موتها وهلاكها، وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يستاك بعُرْجون النَّخْل، كما هو ثابت في صحيح البخاري، حديث (٤٤٥١)
وهذا نداء إلى من يهمه الأمر:
غابات الأراك تموت فأنقذوها وأعيدوا لها نضارتها وبهجتها، لا سيما ونحن في عصر الرؤية المباركة، التي من أولوياتها المحافظة على البيئة بكل مكوناتها، ومن ذلك الغابات والأشجار البرية.
بقلم
العابد سبعي.