آلآف المنشورات التي تصلنا يوميا لا تشفي الفؤاد ، كثير منها نظريات بعيدة عن حياتنا الحقيقية ، منها أماني ومنها من يدعو للمثالية ومنها من يوصل رسالة لشخص أو مجموعة ومنها نسخ ولصق وإرسال وعندما يتكلم صاحبها بألفاظه وثقافته تقول ليتك صمت بدل الفضيحة في كشف ذاتك ، ومنها طلب الشهرة بسرقة منشورات الآخرين وهؤلاء من السفهاء الذين تحتقر شخصياتهم عندما تجد منشوراتهم وإعجاب الآخرين بينما هي مسروقة وقد كشفهم قوقل وهؤلاء احد مشاكل المجتمع لأنهم مخادعون وكاذبون فأحذر أن تحترمهم ، وقبل أن تضع إعجابك وآهاتك لمتصيدي السرقة الأدبية المتكررين يوميا بمنشوراتهم ، ضع ذاك المنشور في قوقل وسوف تبهرك الحقائق لصاحب المنشور الحقيقي وليس السارق لأفكار الآخرين بخداع الناس الطيبة التي تصدق ، تحرى وسوف تكشف من خَدعَكَ فترة طويلة وظننت أنها عبقربته لينشر في يومه عددا من تلك المسروقات ولم يسند الأمر لصاحبه أو يعلم الناس أن الفائد منقولة كاملة أو بتصرف ، ومن المنشورات أيضا حكم وأمثال لا تتمشى مع متغيرات العصر، ومنها آيات يستعينون بها وهي منسوخة بغيرها ولكن جَهِلَ ناشرها بالناسخ والمنسوخ وأخذ الآية على سياقها لفظا، ومنها أحاديث كاذبة وموضوعة تتمشى مع هوى من نشرها ، وهناك فتاوى لا تتفق مع العقل وخارجة عن الحقيقة وخاصة أنه لابد من التحري عن صحة الفتاوى ومتغيراتها مع كل زمان ومكان بإكتشاف حقائق قرآنية تظهر من علماء الغرب والشرق ويتفاجئون انها وردت بالقرآن منذ عهد المصطفى الأمين ، وهذا يصحح كثيرا ممن قاله الذين مضوا وجاء العلم من القرآن موضحا الحقيقة فلا ترفع المفتي لدرجة القداسة والتعظيم فربما أجتهد وهو لا يفهم المعنى، ولكن استقبل علمه بأدب الطالب لمعلمه وتحرى الأمر جيدا فكم من طالب فاق بعلمه على معلميه ، ولقد باتت العلوم كأنها قرية يسكنها أناس قد عرفوا بعضهم منذ سنين .
إن الذي وقف في زمانه ليعيش في مقومات الماضي فسوف يعيش حياة نكدة، والذي خرج عن مسار الآداب سوف يندم بعد فترة ليست قصيرة، وما أجمل الوسطية، فأنت لن تتمكن أن تعيش يومك كله وانت على سجادتك لأن الحياة تطلب التغيير والتبديل ولقاء الناس، ولن تتمكن أن تستمر بالتمرد والخروج عن الآداب العامة طوال اليوم ، فلا تعش بعزلتك فذاك هو الموت البطيء، ولا يفلت الحبل في إطاعة هوى النفس، ولا تلتفت للمتشددين في أمور الدين فهؤلاء يدمرون ملذات حياتك، ولا تمضي مع الذين اعتقدوا أن الحرية مطلقة، فكل فئات العالم بملوكها ورؤسائها والقابضين على مسيرة إقتصادها ، والذين لديهم القوة الكاملة في هذا العصر، كل هؤلاء لا يملكون الحرية المطلقة ليفعلوا ما يرغبون فربما فئة تجعلهم يوما يندمون فكم من دولة مع الربيع العربى تمنى من كان يديرها أن يعود ليصحح مساره بعد أن أدرك لا حرية مطلقة لإنسان ، ولكن هيهات هيهات فلا عودة لذاك الزمان.
الحرية المطلقة هي عطاء من الله لكل إنسان ومسكنها العقل ويتخاطب معها الفكر منها قولا وبعضها فعلا، ولكن كلاهما يبقيان محجوزان ولا يستطيع صاحبه التصريح والعمل بهما لأن قوانين الحياة صارمة لمن يمارس الحرية المطلقة دون إعتبار للآخرين فينتج عنها حياة الغاب المجردة من العقل والتفكير .
بقلم
أ. طلال عبدالمحسن النزهة