بعد أن تعطلت لغة الكلام، جاءت صرخة إنتصار وفرحة من جنود لم يشاركوا بالمعركة، وسأل البعض ماذا حصل، وجاءت الإجابة عادت شبكة المعلومات للعمل بعد توقف اضنى الجميع الما، وغاب عن الجميع أنهم عاشوا تحت رحمة إنقطاع عمل الشبكة قسرا، وفرحوا دون أن تكون لهم مشاركة بعودة الشبكة .
اعترفنا أم اقررنا أو كابرنا وأنكرنا بكل فئاتنا أن شيئا من القلق أصاب السواد الأعظم منا، ومهما اخترنا من كلمات والفاظ ومعان للتبرير فهذا يزيد من إصرارك أنك تكابر وذلك عندما توقفت شبكة المعلومات ( النت ) في عالمنا وبدأت ملايين الإتصالات الإستفسارية عما إذا كان الواتس الخاص بالمتصل تم تعطيله من أصحاب التهكير ، أم أن جواله قد تعطل أو لديه مشكلة وعقوبة من الشركة، وبدأ الصراخ بعضه معلنا وآخر أصيب بحالة ذهول وإستغراب ، وأخرون تسألوا بألم كيف يعيشون باقي ساعاته يومهم بدون تواصل ، وآخرون تواصلوا مع مبرمجي الجوالات، والبعض حذف أيقونة الواتس وأعاد تثبيتها وانا منهم ولم يفلح ، واختلطت الأفكار كإختلاط الحابل بالنابل، والكل نسي وتناسى وتجاهل أمرين مهمين وآخرا مخفي أنكره البعض والبعض قالوا يارب سترك.
الأمر الدنيوي الأول أنك عشت ساعات تحت رحمة شركة شبكة المعلومات والتي جعلت جزءا من حياتك احد النعم التي تتواصل بها بالرغم من سرقة الوقت ولكن بإرادتك سعيدا مبسوطا ، أما الأمر الثاني حديث المصطفى في قول اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم، والقصد هنا، لا تظنوا وتغتروا دوام حياة النعم، وإنّ شبكة المعلومات أحد النعم الفكرية والنفسية، ولنا عبرة بدول كانت تتصدق علينا واليوم حالتهم الإقتصادية صعبة بل تكاد تكون مشلولة فما دامت النعم بينهم لأسباب ليس محلها هنا، ولكن الشكر يديم النعم.
أما الأمر الثالث أشخاص الفلسفة الذين كلما تعرض بعض من المسلمين في دول أخرى لبعض الضغوطات صرخ وزهق وتباكى وازعجنا بصوته وبكائه ونادى الحرب الحرب اينكم يا أمة محمد، أو نادى قاطعوا منتجات تلك الدولة واطردوا شعوبهم، وجهل وتجاهل ونسي وتناسى عظمة الدول واحتياجاتهم المتنوعة لبعضهم وعلاقاتهم التي لا يعرفها غير القادة أصحاب الحكمة في إدارة الأمور، ولو طلبوا من صاحب الصراخ والبكاء والعويل الإستعداد للحرب لرفض وقال انا فقط صاحب حماس للحرب وصاحب صراخ أجيد البكاء، وقد حصل منذ زمن مضى وليس بعيد لأحد الذين اوهمونا انهم دعاة فأرسلوا أبنائنا للحرب وهم غادروا مع أسرهم للمصائف إلى أوروبا وأبت مشيئة الله إلا أن ترغمه بتقديم الإعتذار والإعتراف انه كان على غير صواب وعاد للطريق السوي رغما عنه في لحمة الوطن فكثير من بعض الأمور لا تُدار جزافا بالصراخ والعويل والبكاء حتى تزعجك وتكاد أن تشتم هذا الوباء.
ولنا ذكريات مؤلمة في حرب الخليج عندما أعلنت بعض شعوب الدول التي قدمنا لها المال حتى في دفع حساب مدارس أبنائها ومعيشتهم وبنيتهم التحتية ولكن فرحوا وصرخوا ونادوا وتمنوا نصرة العدو علينا، بل أعدوا حلقات من التمثيل الصوتي والمرئي ضدنا، وعندما نصرنا الله عادوا مثل عودة مهزرم هرب من صاحبه فأضناه الجوع فعاد مرغما، فعلينا أن نتجاهل أصحاب الصراخ والزعيق والبكاء والإزعاج لأنه لا يدرك معنى قنوات وسياسات العلاقات بين الدول التي بها تتساوى الأمور، فهو يفكر على مسافة إمتداد يده وما يرى فلا يعرف غير الصراخ من علوم جزئية غير متكاملة ولا يدرك أن الحياة الدنيوية تسير بعلاقات الأمم ومصالحها بعيدا عن الدين العقائد الأخرى.
سألت نفسي لو طلبت شركات الشبكات العنكبوتية يوما من بعض شعوب الدول أن يتوقفوا عن مقاطعة منتجات احد الدول ويعود الشراء أو يتم بالمقابل إيقاف خدمات النت وما يتبعه على تلك الشعوب، فكيف تكون نسبة الإجابات والتجاوب بين محب لوطنه وقيادته ووطنيته ، وبين معارض، وأخرون مندسون جبناء ، وأيضا الأعداء المختفون الموالون لأعدائنا وهم بين ظهرانينا ، والجهلاء والعابثين من الجنسين والذين يظهرون لنا في المناسبات السنوية ونرى لباسهم وسلوكهم معولَ هدمٍ، وأناس الليالي الملونة وزخرفها، وعند الخوض في البحث تكتشف أن هؤلاء ليسوا ممن يحملوا المعنى الحقيقي للوطنية أو المواطنة ، والرد على السؤال ليس مهما، ولكن القصد منه، عندما تريد أن تقاطع أو تستمر حياتك بما انت عليه، فعليك أولا أن توفر البديل لكل إحتياجاتك فالعطل لشبكة المعلومات جعل الكثير تحت رحمة مهندسي الإصلاح الفني وهم يتخبطون في مكاتبهم لإعادة عمل الشبكة ، التواصل رحمة جزئية ونعمة ربانية وقد تكون البعض نقمة وأذية .
فأعيدوا ذكريات أوقات ساعاتكم الماضية كيف كانت بدون تواصل؟؟ وهل شاهدتم تعابير وجهكم بالفرحة بعد عودة التواصل؟؟ ومن الذين ارسلتوا لهم اول رسالة؟؟ وماهي نوع الرسالة؟؟ وهل كنتم من المبحلقين للتأكد أن تواصل الواتس عاد مرة أخرى؟؟ وهل شكرتم القائمين عليه؟؟ أو كنتم ساخطين قبل عودة الواتس؟؟ وهل بات عطل الشبكة العامة حديث الرأي العام وتخطى البحار؟؟ وهل تخيلتم الأموال الطائلة التي خسرتها الشركات الشبكة حيث كل ساعة مضت والواتس معطلا كانت عداد الخسارة يزيد عن ستون مليون دولار بالساعة وعليك الحساب، بعكس تضرر الأفراد فقد كانت ضئلا لوجود بعض البدائل.
كانت تجربة وقرصة أذن غير مقصودة ، ولكن حين الضغوطات السياسية لا تهمهم الخسائر لأنهم سوف يعوضون خساراتهم مضاعفا بعد خضوع من اخضوعه،
فما أضعف الإنسان أمام أمور لا تستحق أن نضعف بها، ولكن هو الإنسان.
كانت قرصة أذن غير مقصودة كشفت لك بعض الأمور منها ضرورة إحتياجات الأمم لبعضها ولا يمكن لشخص بصراخه وعويله أن يثير ضجة وينادي للحرب بينما هو تحت غطاء قيادة تعرف كيف توفر لك الحياة، فالله حباك بالدعاء دون إثارة الفتن فتنسى نفسك وتصرخ حتى يصيب حنجرتك التعب فتنام متعبا بينما هناك من جعله الله يتولى الأمور بروية ورؤيا لا تراها في محيط منظارك، عادت شبكة المعلومات للعمل بعد أن أصاب الكثير القلق.
بقلم
أ. طلال عبدالمحسن النزهة