إن فكرة إنشاء مجلس شؤون الجامعات للاشراف عليها وتنظيم أمورها الادارية والمالية والقيام بعمليات الضبط هي فكرة رائدة تتفق مع منطلقات رؤية سمو سيدي ولي العهد (2030) وذلك من منطلق تقنين الأمور والسعي إلى تحسين جودتها والعمل بكفاءة أعلى في ظل المعايير المقننة التي متى ما تواجدت سارت منظومة العمل على أحسن صورة وفق اللوائح والتنظيمات المعدة لذلك، ولعلنا نحتاج سريعا إلى مزيد من المعايير والضوابط الأكاديمية في شتى مناحي العمل الجامعي إداريا وأكاديميا في عدة صورة:
1- ضرورة الحاجة إلى معايير أكاديمية وعلمية في اختيار عمداء الكليات ووكلاءها ورؤوساء الأقسام ومديري الادارات المختلفة بعيدا عن عمليات الترشيح الغير مبنية على معايير علمية وأكاديمية والتي تقتل روح المنافسة وتبعد جانب الكفاءة بعيدا عن الموقع الصحيح الذي يجب أن يعمل فيه. مع وجود أيضا معايير هامة عند التجديد لهم لفترات أخرى، ولعلنا نقترح بعض هذه المعايير ومنها: وجود اختبارات قياسية ومقابلات مقننة، تقديم المرشح مشروع ورؤية لإدارته، التخصص، الخبرة الادارية، الرتبة العلمية، وجود رؤية واضحة وشغف لمن يتقدم للإدارة. ولعل أهم معيار أراه هو الانجازات التي حققها المسؤول الاداري ومدى مساهمته في التطوير وإلى أي درجة كانت؟ حيث يجلس البعض على كرسيه ويخرج وقد استفاد من المكان أكثر من ما أفاد وهذه ظاهرة غير صحية ولا تواكب رؤيتنا الرائدة.
2- أهمية الحاجة إلى وجود معايير أكاديمية في عمليات الاسناد في التدريس الجامعي للجداول الدراسية، فلقد أولت الحكومة هذا المجال عناية فائقة من حيث الابتعاث لمنسوبي الجامعات لأرقى الجامعات لدراسة التخصصات التي يؤمل عند عودتهم التدريس فيها ولا يعقل وجود إسنادات متضاربة فمن تخصصه أدبي يدرس علمي ومن تخصصه علمي يدرس أدبي وهنا الضحية هو الطالب والمخرج التعليمي الضعيف دون مراقبة ولا محاسبة لرؤوساء الأقسام في عملية الاسناد وفق التخصصات وتحت ذريعة "جريمة" إكمال النصاب.
3- ضرورة الحاجة إلى وجود معايير أكاديمية دقيقة في عمليات الاشراف العلمي على طلاب الدراسات العليا وفقا لتخصصاتهم مع وجود آليات صارمة لاختيار المناقشين وفق التخصصات أيضا بعيدا عن سياسة وجود معايير فضفاضة من خلالها رئيس القسم ومجلس القسم يسيرون ما يريدون وفق سياسة التصويت وهز الرؤؤس دون ابداء آراء أكاديمية والأخذ بها.
4- أهمية وجود معايير لفتح عدد من البرامج التعليمية في عدد من الكليات ومن يدرس فيها فكيف يفتح عدد من البرامج لا يوجد فيها متخصص واحد في تلك الكليات ومن قام بفتحها وكيف تمت الموافقة على فتحها دون محاسبة؟ الكثير من علامات الاستفهام والتعجب حول ذلك؟
5- أهمية وجود معايير وخطط بديلة لأعضاء هيئة التدريس المتضررين من إغلاق البرامج التي كانت تضم تخصصاتهم ويدرسون فيها مقرراتهم والاستفادة منهم في الجامعة الأم أو في فروعها عند الحاجة بدلا عن بقاءهم دون جداول دراسية أو جداول ضعيفة أشبه بالوهمية ويدرسون تخصصات غير تخصصاتهم.
إن غياب المعايير الأكاديمية الدقيقة تجاه عدد من الأمور يسبب اتخاذ القرارات الخاطئة ويخلق كثير من الفوضى والعشوائية وربما كان مدخلا كبيرا للفساد الاداري والمالي نتيجة سياسة الترشيحات العشوائية القائمة على العلاقات بعيد عن انتقاء الكفاءات وفق المعايير الواضحة والفاصلة في عملية الاختيار، لذلك على مجلس شؤون الجامعات التحرك سريعا تجاه هذه القضايا وإصدار التشريعات والمعايير الدقيقة من أجل ضبط العمل الأكاديمي مما ينعكس على تحسين جودته في ظل رعاية كريمة من دولتنا العظيمة التي أولت التعليم عناية فائقة من أجل الاسهام في نمو الوطن والمواطن ... حيث يعد الوطن أمانة في أعناقنا يجب المحافظة عليه وفقا للسير على الأنظمة والتشريعات التي تقوض مفاصل الفساد وتقضي عليها بأي شكل من الأشكال.
✒️✒️أ. د. يحيى بن مزهر الزهراني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
كاتب بصحيفة أخبار الوطن نيوز.