منذ أن عاد (بكري) إلى منزله الممتلئ برائحة الطين والشذاب، وهو يتجرّع مرارة الألم، الذي مازال ينسرب في عظامه جراء لدغة الأفعى التي غرزت أنيابها في قدمه، قبل ثلاثة أيام لحظة جَمْعِه (العلف) من (الجرين), إذ لازال يكابد ذاك الجرح الغائر في جسده، ولكنّ قسوة الحياة وصلابة الموقف التي تفرض عليه الصمت أمام الناس وتحمّل وقع السم _ حتى لو أفقده الصمت والصبر حياته _ تجعله في صراع بين التحمّل في صمت أو البوح بإذلالٍ لفاجعة الألم , فالناس هنا لا يُجاهِرون بآلامهم مهما كبُرِتْ، فتلك نقيصة تمتد طويلاً في حياتهم إن اشتكى رجلٌ ألماً او جُرحاً أو حتى لدغة أفعى قاتلة , فيومَ خِتان (معيض) يستحضرها الآن (بكري) بكل قسوتها فهي تمور في عينيه ومخيّلته المعبأة بأصوات الشامتين ونظراتهم القاتلة لـمعيض حين عض شفتيه لحظة وقوفه أمام الناس فوق (الصفَاة) منتصباً للّحظة الفارقة بين الرجولة والضعف فعضّة الشفاهِ التي نالتْ منه يوم هوى الخاتِن عليه آنذاك مازالت تكلّف (معيض) تاريخاً من الانتقاص قد يطال حتى بنيه من بعده , فلا شيء أمام بكري في صراعه مع الوجع سوى احتباس الجُرحِ والألم بينه وبين أنفاسه المتقطعة دونما رحمة ..!
بجوار (فيّة) بيته التي ألِفَ الجلوس في حضرتها في سني عمره أصبح بكري يتفيّأ في ظلها الآن حافياً من كل شيء إلا من صُراخ الألم في داخله , لا يكسر صمت بكري سوى صوت (المِرْهَكَة) الذي تملأ جنبات المنزل , فزوجته (غيثة) ليس من عادتها أن تَرْهَك حَبّ الذُرَة دون أن يعلو صوتها بأناشيد الفلاحين والرُعاة لتبدّد وحشة التعب , ولكن بكري يدرك أن صمت غيثة إنما هو وجعٌ آخر يسكنه ,فزوجته التي يشع من صوتها نكهة الوزّاب ورائحة الكادي لم يسمعه هذا الصباح , لعِلْمِه أنها تشعر بآلامه وأوجاعه , ولكنها آثرت الصمت كي لا تحاصره بالضعف , قام بكري من مقعده وبطء الحركة تسيطر على جسده النحيل لتنكشف ساقه من تحت (الحَوْكَة) فتلمح غيثة قدم بكري والتي ظل يغطيها طيلة الأيام الثلاثة الماضية لترى ساقاً بات السواد يحاصرها ونتوءات الوجع والسم قد امتلأت بها زوايا ساقه المتورمة، فتشهق غيثة بصوتٍ عالٍ لكنها سرعان ما تدفن الصرخة بداخلها؛ كي لا يشعر بكري بها، لكنّ صوتها يتسلل من حنجرتها إلى أنفاسها المبتلّة بالألم لتردد:(آه كان بي عنك يا بكري).!
- جدة تستعد لاحتضان فعالية جيدس الدولية للتعليم والتكنولوجيا بنسختها الخامسة
- “تعليم جازان” يُنهي إجراءات المقابلات الشخصية والمطابقة لـ567 مرشحًا ومرشحة لشغل الوظائف التعليمية التعاقدية
- رئيس مطارات القابضة: الطاقة الاستيعابية للمطار ارتفعت بنسبة 200% لتصل إلى مليون مسافر سنويا
- “موانئ”: إضافة خدمة الشحن “TPA” إلى ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام لتعزيز ربط المملكة بموانئ الصين والمحيط الهادئ
- العبيد يحصل على دبلوم المبارزة
- في انجاز يضاف للرياضة السعودية.. اخضر الطاولة البارالمبي يحصل على 10 ميداليات في بطولة الأردن الدولية
- العدالة يتخطى الجندل بهدفين
- تفوق سيدات تايبيه وإندونيسيا في بطولة آسيا للبلياردو للسيدات و 4 سعوديات يبحثن عن التأهل لنصف نهائي منافسات الفتيات
- تتواصل التحضيرات للبطولة العربية الخامسة عشره للروبوت والتي ستقام بالعاصمة الأردنية عمان
- مجمع الملك عبدالله الطبي بجدة ينظّم فعالية عن اليوم العالمي للتوحد
المقالات > | الجــــــــريــــــــن !! ” ١ “
محمد الفقيه الشهري
| الجــــــــريــــــــن !! ” ١ “
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.watannews-sa.com/articles/48331.html
التعليقات 1
1 pings
سلمى القحطاني
2020-04-16 في 1:04 م[3] رابط التعليق
العالقون في سبات العادات والتقاليد يستحقون أسوأ من هذا . لم نخلق لنكون عبيدآ لعقول غيرنا ممن توالوا تحت التراب. نقتل الإنسان بداخلنا ونتشبث بالقسوة التي فرضها المجتمع علينا. التمرد على الجهل والإتجاه للرحمة بداخلنا هو السبيل الوحيد للمضي في هذه الحياة بطمأنينة. من مات ليرضى عنه الناس هو في الأصل لم يكن يستحق الحياة..