قال العلماء: إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين .
شرع النبي صلى الله عليه وسلم إظهار الفرح وإعلان السرور في الأعياد ، قال أنس رضي الله عنه :قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال : إن الله أبدلكم بهما خيراً منهما : يوم الأضحى ويوم الفطر ،
في ذلك دليل على أن إظهار السرور في العيدين مطلوب وأن ذلك من الشريعة التي شرعها الله لعباده إذ في إبدال عيد الجاهلية بالعيدين المذكورين دلالة على أنه يفعل في العيدين المشروعين ما يفعله أهل الجاهلية في أعيادهم من اللعب مما ليس بمحظور لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما خالفهم في تعيين الوقتين ،
ويبين ذلك ايضا حديث عائشة رضى الله عنها قالت : دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنّيان بدفّين بغناء بُعاث فاضطجع على الفراش وتسجّى بثوبه وحول وجهه إلى الجدار وجاء أبو بكر فانتهرهما وقال : مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم فكشف النبي وجهه وأقبل على أبي بكر وقال :
دعهما يا أبا بكر إن لكل قومٍ عيداً وهذا عيدنا.
ما دعاني لهذا هو ما أقرأه وأشاهده وأسمعه هذه الايام من بعض التذمرات والضجر وأنهم لا يريدون هذا العيد وأنهم في كآبه وضيق بسبب الحظر.
ولذلك اذكرهم واذكر نفسي
اننا بفضل الله في خير ونعمه ويحق ان نظهر السرور والفرحة بالعيد رغم الحظر.
فثوب العيد الحقيقي مع هذه الجائحة هو ثوب العافية.
نفكر ولو قليلا هذه أعداد الإصابات بالألاف وأنجانا الله بفضله ورحمته ولم نكن منهم فلله الحمد ،،،،
ولئن حلت بنا محن فقد أبقى الله لنا منحاً، ولئن أصابتنا نقم فقد أبقى الله لنا نعماً وإن تعدوا نعم الله لاتحصوها ونحن أحوج ما نكون إلى أمل يدفع إلى عمل واجتهاد وفأل طيب ينتج إنجازاً وخيرا ، أما المهموم المحزون الذي يندب حظه بسبب الحظر فهو غارق في آلامه متعثر في أحزانه مدفون في هموم يومه لا يرجو خيراً ولا يأتي بخير نسال الله ان يخرجه مما هو فيه والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون .
أحبتي :
للعيد فرحة بفضل الله ورحمته ، وكريم إنعامه ، ووافر عطائه ، فرحة بالهداية يوم ضلت كثير من البشر عن صراط الله المستقيم.
ثم ان المرء عليه ان يفرح بعمق لانتمائه لهذه الأمة ولهذا الدين ، فيفرح بفضل الله الذي هداه يوم ضل غيره "ولتكملوا العدّة ولتكبروا الله على ما هداكم ،
بالله أيُّ نعمةٍ أعظم ، وأي خير اعظم واي نعيم أفضل من أن الله هدانا للإسلام ؟
فلم يجعلنا مشركين نجثو عند صنم ، ولا يهود نغدو كفر ، ولا نصارى نروح إلى كنيسة ، وإنما اجتبانا على ملة أبينا إبراهيم ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ( هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين) ومما علينا ان نبدي به السرور ان الله بلغنا شهر رمضان يوم تصرّمت أعمارٌ عن بلوغه كم من صامو بعام فائت هم الان تحت الثرى؟
ونفرح ايضا بتوفيق الله وعونه على ما يسر من طاعته من تيسير الصوم والصلاة والقيام والدعاء والتسبيح وباقي الذكر وتلاوة القران ، فكم تلجلجت الدعوات في الحناجر ، وترقرقت الدموع في المحاجر ، وخضعت النفوس ورقت حتى كأنما يعرج بها إلى السماء تعيش مع الملائكة ، وتنظر إلى الجنة والنار رأي عين ، في نعمة ونعيم لا يعرف مذاقها إلا من ذاقها . فحق لتلك النفوس أن تفرح بنعمة الله بهذا الفيض الإيماني الغامر وللعيد فرحة ايضا بإكمال العدة واستيفاء الشهر ، وبلوغ يوم الفطر بعد إتمام شهر الصوم، فلله الحمد على ما وهب وأعطى ، وامتن وأكرم ، ولله الحمد على فضله العميم ورحمته الواسعة (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فيلفرحوا هو خير مما يجمعون)، فهذا العيد موسم الفضل والرحمة لذلك يكون الفرح ويظهر السرور
الاحبة الغالين ...
من الهدي النبوي المنير ان نفرح ونظهر السرور في عيدنا وان نتجنب من يحاولون قتل أفراح العيد، والتضييق على مشاعر الناس، بسبب الحظر او سواه ويقولون كيف نفرح ونحن في حظر فيقال لهم : إنه يوم فرح وسرور فالأعياد ليست مواسم لفتح الجراحات، والنُّواح على المآسي، وتعداد المصائب، والتوجع لما يحل بالناس وينسون قوله عز وجل ممتناً على عباده (وأنه هو أضحك وأبكى) ويتناسون أن لكل مقام مقالاً، ولكل مناسبة حالاً، وأن مآسي كورونا مثلا او غيرها ثمار مُرّة لخطايانا وأخطائنا (قل هو من عند أنفسكم)، ولن يكون علاجها بالوجوم والحزن، ولكن بالرأي السديد والعمل الرشيد، والشجاعة أمام الخطأ، ولو أنا قتلنا كل فرحة، وأطفأنا كل بسمة، ولبسنا الحزن، وتلحفنا بالغم، وتدرعنا بالهم ما أنجزنا شيئا ولا تغلبنا على الوباء ولا جاء منا منفعة لانفسنا ولا لامتنا ونعلم ان خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وقد كان يستعيذ بالله من الهم والحزَن ويعجبه الفأل الحسن دائم البشر كثير التبسم.
إننا بحاجة إلى أن نجعل من هذا العيد فرصة لدفق الأمل في قلوبٍ أحبطها اليأس، وأحاط بها القنوط ، وتبدّت مظاهر اليأس في صور شتى .
فيا ايها الغالين ...
أبشروا وأمِّلوا ما يسركم ، فعُمر الإسلام أطول من أعمارنا ، وآفاق الإسلام أوسع من أوطاننا ، وليست المصائب ضربة لا تحول ولا تزول،
والله عز وجل لا يعجل لعجلتنا ولا تتحوّل سننه لأهوائنا، فسنن الله لاتحابي أحداً، وكل شيء بحوله وقوته ليس لنا حول ولا قوة الا به سبحانه وهو القادر على رفع الوباء في (كن فيكون ) ولنتذكر في هذا العيد ما أبقى الله لنا من خير، وما تطول به علينا وتفضل من فضل .
فنحن في خير ونعيم لله الحمد والشكر .
لنفرح بالعيد وبما انعم الله به علينا من نعم لا تعد ولا تحصى .