البداية الخَفيّة تَحْدث عندما تتشكل غِشَاوة المُقارنات.
هكذا يبدأ الوهم في تشكيل نفسه بيدينا.
أسهبنا في المقارنة حتى خفت الشكل الحقيقي ولم نعد نسعد بأي شيء.
دائماً ما ننسى البحث في القريب، ونبحث في الأماكن الخاطئة.
دائماً ما نُؤَجِل السعادة لأمرٍ ننتظره في القادم، ونتجاهل اللحظات الآنية..
دائماً ما نُركِز اهْتمامنا في المُمُتَلكات الذهبية وتلك المرتفعة فقط.
وهكذا يَتَحول الأمر لِوهمٍ سَحيق أكثر ويُصبح مُسْتَحِيلاً أو ناقصاً.
وكل هذا جاء من عقبات الأشياء التي لا نَمْتلِكُها وسُقُفها العالية، وفَرضيّة المقارنة التي آمنا بها، وحصرية الصورة.
إننا نغفوا ونتْسَتيّقظ على قاعدة مادية خالصة،
وبالتالي هذا هو نمط الناجح الذي نراه دائماً للمرء السعيد.
الأموال هي المرادف الأول للسعادة..هنا الحماقة اذا ما رأيناها فقط في هذه العطيّة.
نعم الإِمْتِلاك جانب بقاء فقط ووسيِلة، ولكن ماهو حال تفاصل الأمور البسيطة الأخرى التي أعدمنا قيمتها في معاني السعادة؟
هذهِ الأشياء الصغيرة أكثر المقاييس التي نَشْعر أثنائَها أن الحياة عظيمة،حتى أن أَجَل هذا المذاق يَبقى طويلاً خِلافَ ما تَصْنعه ضَرًبات الحظ المُفاجِئةوتَعاسَتِها.
ولِنسأل الأثْرِياء عن هذا الشُعُور البائس!
نأتِي لحقيقة أخرى، إننا لا نُدْرِك ما تَرسّخ في أَذهنِنا من إيمان،إذاً كيف لنا ان نَثق بأن كلّ شيءٍ ثابت ؟
كيف نَتًعلّق سعادة مُسْتَقْبلّية تتبع التتغير لحين قدومنا لها ونَتركُ منتصف حياتنا فارغاً بأيامٍ مُبْهمة؟!
هل تعرف معنى أن تُؤجِل وتَبْقى تُؤجل إسْتِناداً على شيء مُتحول..قد تصل ويكونَ هو قد تَغيّر وفقد مذاق نَشْوته، بل ماعاد شيئاً سعيداً.
ستصل،ولكن لفراغٍ فضفاض وفَجّ .
مع هذه الحقائق لم نَعي تماماً حقيقة أن نَسْعد الآن بأي شيء نمْتَلِكه،
لا نعي هذه المُتع البسيطة الكافية التي تحقق دوام الإحساس بها .
أكثر ما نعجز عن معرفته لماذا نفقد الإحساس بها سريعاً؟
إن التوقف عن تغيير الأشياء حولنا وجعلها مناسبة بالإجبارلما نريده هذا يجعلنا نُفقدُها رونقها ومتعتها الطبيعية، ونفقد نحن ملذتها بتدخل صناعتنا لها.
اترك كل شيء كما هو وتقبله واسمح لك أن تتلقى شعور اللحظة العظيمة
.
بقلم : فاطمة الأحمد