شاهدت قصة " زهرة إسماعيل العدنية " على اليوتيوب قصة عن ابتزاز الفتيات . القصة لوثبت صدقها مثيرة ومؤلمة ، وبعيدا عن هذه الشخصية وحيثيات ثبوت القصة وأهدافها ، يثار لدى المهتمين بالتربية تساؤل جوهري عن الحاضن الرئيس للقيم والمسؤول الأول عن غرسها ورعايتها .خصوصا بعد انتشار مقاطع مرئية مخلة لفتيان وفتيات على وسائل التواصل الاجتماعي من مختلف الوطن العربي ، لا تنسجم مع قيمه وأخلاقه العامة .
لاشك أن الأسرة هي المحضن الأول للقيم والأخلاق ، ومنها يتشرب الأطفال القيم المؤثرة في حياتهم ويعد تأثيرها ممتدا وطويلا .. لكن الدور الرئيس والمصدر الأساس في الأسرة لغرس القيم يقع على عاتق الأم فهي تأخذ الدور المحوري في صناعة الأبناء وتنشئتهم على الأخلاق الفاضلة ؛ لأن الأم أوثق ارتباطا بأبنائها وهم أكثر تعلقا بها ؛ لقدرتها على تحمل اعبائهم وتلمس احتياجاتهم وتميزها بالتواصل الشفهي الذي يزيد من قوة العلاقة والتأثير ، إضافة إلى الوقت الطويل الذي يمضيه الأبناء مع الأم ، مما يجعلها نموذجا سلوكيا وقدوة سريعة التأثير فكريا وثقافيا وسلوكيا وهي الأقرب للاطلاع على خفاياهم . وقد ثبت علميا أن الأم هي التي تشكل أسس الأخلاق وتغرس القيم في نفوس أبنائها .
بخلاف دور الأب الذي يعد دوره في هذا الجانب دورا متأخرا عن دور الأم مع أهميته فدوره الأساس يمثل الرعاية والقيادة للأسرة ، من حيث الحماية والعناية بالجانب الاقتصادي والجوانب الأخرى ،والقدوة الحسنة ، والزجر عن منكرات الأخلاق ، وتفهم مطالبهم وسندا للأم في زراعة القيم عند الأبناء . لا يعد غياب الأب بالغ التأثير في حياة الأبناء ذلك لأن طبيعة دوره تستوجب الغياب في كثير من الأحيان ، فقد تغطي الأم بعض جوانب النقص ، ولكن لا يقارن دوره وحجم تأثيره بدور الأم وحجم تأثيرها في التربية ، والشواهد على ذلك كثيرة ، فأكثر فالأنبياء عليهم السلام عاشوا أيتاما في كنف نساء وكثير من العلماء والأدباء والمؤثرين في التاريخ عاشوا كذلك . وهذا يؤكد دور الأم في التربية وزراعة القيم والأخلاق .
.
تبرز تلك الظواهر الشاذة والغريبة ؛ حين تتخلى الأسرة عن دورها التربوي وتهمل الأبناء لأسباب مختلفة ،حينها يكون ضياع الأبناء ، وشتاتهم ، والأدهى من ذلك هو زراعة قيم بديلة قد لا تكون مرضية أو قد تكون منحرفة وغير متوافقة مع قيم المجتمع وأخلاقه .
مرة أخرى تتحمل الأم الدور الأهم في هذه الصناعة ، وحين تنحرف الأم عن دورها ويتراجع دور الأب ؛ تتشكل مشاكل اجتماعية وتربوية وانحرافات أخلاقية وأمنية عصية على الحل ، أو يكون لها تأثيرات بالغة السوء .وتظهر مثل هذه الظواهر والمقاطع المخلة التي نشاهدها على مستوى وطننا العربي ، إن العبرة في قصة زهرة إسماعيل هي النتيجة المأساوية التي نتجت عن تخلخل الأسرة وتخلي الأم عن دورها الأخلاقي فكانت تلك النتيجة المؤلمة التي شاهدها الجميع
.