شاركت المملكة المجتمع الدولي أمس العاشر من أكتوبر باليوم العالمي للصحة النفسية، تحت شعار الرعاية الصحية النفسية للجميع: لنجعل هذا الشعار واقعاً!
إذ تتخذ هذه المناسبة فرصة للتوعية بأهمية الحفاظ على الصحة النفسية ، وخصوصًا أن منظمة الصحة النفسية أوضحت أن موضوع الاحتفال هذا العام يتناول جائحة «كوفيد-19»، وأكدت أن له أثر فادح على الصحة النفسية للناس ، وبينت أنه تضررت بعض الفئات من ذلك بشكل خاص، بما يشمل العاملين في الرعاية الصحية وفي الخطوط الأمامية، والطلاب والأشخاص الذين يعيشون بمفردهم وأولئك المصابين بحالات صحية نفسية أصلاً.
وواصلت منظمة الصحة العالمية أن هناك ما يدعو إلى التفاؤل، فأثناء جمعية الصحة العالمية المعقودة في مايو 2021، أقرّت الحكومات من جميع أقطار العالم بالحاجة إلى الارتقاء بنوعية خدمات الصحة النفسية على جميع المستويات، وقد ابتكرت بعض البلدان بالفعل سبلاً جديدة لتقديم رعاية الصحة النفسية لسكانها.
يقول استشاري الطب النفسي الدكتور محمد اعجاز :
الآثار النفسية التي تركتها جائحة كورونا على البشر لا يمكن وصفها ، فتداعيات الفيروس الشرس لم تقتصر على الجوانب الاقتصادية بل تصدرت قبلها الجوانب الصحية والنفسية ، باعتبار أن هذا الفيروس أشرس فيروس واجهته البشرية.
وأشار إلى أن هناك دراسات عديدة كشفت الأبعاد النفسية لكورونا ، ومنها دراسة الفريق البحثيّ السعودي من جامعة الملك سعود عن الأثر النفسي لجائحة فيروس كورونا على المجتمع السعودي، إذ أظهرت نتائج الدراسة أن لجائحة كورونا أثراً نفسياً على المشاركين في الدراسة، علماً أن جمع البيانات كانت خلال الأسابيع الأولى من الجائحة، وتحديداً في شهر أبريل من عام 2020، فيما كان الأثر النفسي من متوسط إلى شديد خلال فترة الجائحة.
واستخدم الفريق البحثي مسحاً عبر الإنترنت وُزع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أكمله 3032 متطوعاً من جميع المناطق السعودية، وجمع الباحثون البيانات الديموغرافية، والتاريخ المرَضيّ، وعشرات من مقاييس التقرير الذاتي التي تم التحقق من صحتها لتقييم أعراض الصحة العقلية.
وأشار المشاركون إلى إصابتهم باضطرابات نفسية معتدلة إلى شديدة للغاية أثناء الوباء؛ حيث بلغت نسبة أعراض الاكتئاب 21%، وأعراض القلق 18%، و أعراض التوتر 13%؛ وهي نسب أعلى من المعدل المعتاد في المجتمع ، كما أظهرت الدراسة أيضاً أن معدل الاكتئاب والقلق والتوتر واضطراب النوم كان أعلى في الفئة الأصغر سناً من عينة الدراسة، وفي الإناث أكثر من الذكور، وكذلك أعلى لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية قبل الجائحة، موضحةً أن هناك علاقةً قويةً بين عدم تحمل المجهول؛ والذي له دور كبير في تطور الأعراض النفسية والاكتئاب والقلق والتوتر واضطراب النوم.
وخلص الدكتور اعجاز إلى القول :
ما ترتب من الانعكاسات النفسية على جائحة كورونا هو أمر طبيعي ، تزامن مع الحجر المنزلي وغير ذلك من التداعيات الأخرى ، ولكن ولله الحمد مع التعافي والعودة الآمنة والتحصينات ضد فيروس كورونا بدأت الحياة تعود تدريجيًا ولله الحمد ومعها تقلصت الانعكاسات النفسية الناتجة عن كورونا ، داعيًا جميع أفراد المجتمع عدم التراخي والتساهل بتدابير كورونا ، والاستمرار في اخذ التطعيم اللازم إلى أن يتم بأمر الله إعلان خلو العالم من الفيروس الشرس.
ورأت الاستشارية النفسية الدكتورة هويدا الحاج حسن ، أن الصحة النفسية جزء مهم لا يتجزأ من الصحة العامة، ولا تكتمل الصحة دون الصحة النفسية، وتشمل السلامة العاطفية، والنفسية، والاجتماعية التي تؤثر في طريقة التفكير، والشعور، والعمل، والتواصل مع الآخرين. كما أنها تساعد على تحديد كيفية التعامل مع الإجهاد والضغوط، واتخاذ قرارات صائبة.
وبينت أن الصحة النفسية مهمة في كل مرحلة من مراحل الحياة، من الطفولة والمراهقة حتى مرحلة البلوغ والشيخوخة، إذ يتم الاحتفال باليوم العالمي للصحة النفسية في 10 أكتوبر من كل عام، بهدف رفع مستوى الوعي بقضايا الصحة النفسية حول العالم، وتكريس الجهود لدعم الصحة النفسية.
ونوهت بأن أهمية اليوم العالمي تكمن في رفع الوعي بمشكلات الصحة النفسية حول العالم، وتكريس وتفعيل الجهود لدعم الصحة النفسية، وتقليل الوصمة المجتمعية، وتوفير خدمات الصحة النفسية، والرعاية الاجتماعية الشاملة والمتكاملة في البيئات المجتمعية، وتوجيه مزيد من الاهتمام لموضوعات الصحة، والمشكلات النفسية.
وكشفت أن العالم يحتفل هذا العام بالصحة النفسية في وقت تغيرت فيه حياتنا اليومية تغيراً كبيراً نتيجة لجائحة كوفيد-19، إذ جلبت الأشهر الماضية معها العديد من التحديات، لذا فإن الاهتمام بالجوانب النفسية تشكل أهمية كبرى في هذه المرحلة التي مازالت تشهد جائحة «كورونا» وتداعياتها وما ترتب عليها من انعكاسات نفسية على مستوى أفراد المجتمعات بجانب الآثار الاقتصادية وغير ذلك من أوجه المشاكل النفسية.
وأكدت أن مشاكل الصحة النفسية هي أحد الأسباب الرئيسة لزياده عبء المرض العام في جميع أنحاء العالم، وأن ممارسة النشاط البدني وتمارين الاسترخاء، والابتعاد عن الضغوط، ومرافقة الإيجابيين، وطلب المساعدة عند الحاجة، يعزز الصحة النفسية، ويرفع جودة الحياة.