ماقبل أربعة أعوام لم أكن أعرف عن المجاردة إلا ما يعرفه الزائر حين يقضي أيامه المقررة فيها ويرتحل .أعرف عنها القليل لكن الكثير مما أجهل كان يخبيء لي ماسترويه الأيام.
أربعة أعوام حتى هذه اللحظه كانت كفيلة أن أعرف تفاصيل التفاصيل في رواية البسيط والأرض العتيقة.
مراكزها التي كنت أعرف بعضا من شبابها ولم أعرفها بعد أصبحت اليوم أدرك حجم الفاجعة في جهلي بها .حكاية متجذرة وقصص خالدة وهمم شكلت من الجبال لوحات فنية ظاهرها حجر المسكن وفيها من العمق والأبعاد التاريخية والإنسانية مالايمكن تخيله. لن أنكر حجم فائدتي من القراءات وثقل القصص التي تعطر بها أفواه المسنين مجالسنا. لكنني كنت اتساءل أين ثربان؟
الوجوه التي عرفتها من قبل كانت تنبيء أن خلفها حكايات تستحق الانصات وقصص تستحق التدوين. ماقبل زيارتها كنت أعمل مع شخص بسيط جدا لكنها عميق بالقدر الذي يفوق تلك البساطه ومرات متعددة .
بساطة اللباس والتعامل كانت مؤشرا لبعضهم لكنني كنت أقرأ فيه عمقا يستعصي على الكثيرين فهمه .
لماذا كان يتعمد إحفاء معرفته وتمريره للتمريرات السطحية وسذاجة البعض معه ؟ مرت الأيام فتحدث البسيط مودعا وكم كان حديثه لوحة متقنة الفكرة والتنفيذ.
هذا البسيط العصيّ كان اكبر الدوافع لاكتشاف تلك الحكايه.
في اعوامي الأربعه لم أرى ذات الوهج الإعلامي والصحفي منه تحديدا يهتم. فالمجاردة وبقية المراكز أصبحت أشبه ماتكون كمدن تحيطها أنوار الاعلام وبقوة حتى باتت أشبه ماتكون مواد جاهزه لن يجد من يبحث عن تأليف كتاب عناء في كتابتها لحجم ماكتب عنها حتى في صحف المحافظة .
لن أسميه تجاهلا رغم أن أبسط المناسبات الشخصية هنا كانت تنقل وبدقه وسرعه بينما يسابق ابن ثربان الريح فيصنع مايشبه جل الحكايا الاستثناء وربما يصنع مايعجز البقية وتعجز شركة النور المقنن عن تسليط الضوء.
أهلها يعشقون التحدي وبصمت هذا مااؤمن به واعرفه يقينا. فالأرض التي صنعت التاريخ وتشكلت حتى أصبحت ماهي عليه الآن لم تنشد اعلاما ولم تطلب ذلك .
أتحدث عنها كطرف محايد أعرف قصة لو حدثت في مكان آخر لملأت الدنيا وشغلت الناس .
من منكم يعرف محبوب فهيد ؟ لن يعرفه أحد سوى اعضاء اللجنه الثقافيه في المجاردة ومن عملوا معها. شاعر بسيط المظهر يحدثك وكأنك تعرفه لسنوات بينما أنك في الحقيقه لاتعرفه إلا لأيام وربما سنوات.
المعلم محبوب فهيد القرني ظاهرة شعريه أتمنى أن لايكون قد تجاوزها الإعلام متعمدا. يسكن ثربان ومن مغلوث الأرض شق طريقه في الأوساط الشعريه ليصبح ولسنوات أحد المرشحين في البرنامج الشعري الأشهر (شاعر المليون) .
يكتب الشعر كما تكتب الغيمات أعذب قصائدها على الأرض .ضيف للكثير من القنوات والبرامج والصحف وأن أردتم الكارثه فقد استضافته الاذاعة الأردنية في برنامجها الشعري الأضخم .وهنا لن أتساءل أين اعلامنا عن محبوب فهيد بل سأقول : لو كان محبوب في مكان آخر فكيف سيكون الدعم ؟
محبوب قصة واحدة من ثربان الذي لاتعرفون وسيأتي جيل لايعرف ثربان كثيرا بسبب اعلامنا .
لن أتهم أحداً لكن تعاملوا مع ثربان وغيرها بنزاهة إعلامية ولاتقسمون الأرض بالصحف والمحسوبيات. ثربان التي زرتها يوما رأيت في أهلها حكايات عظيمة متجذرة لاتغفل حاضرها وكريمة بلا مقدمات ولا صورة.
أخيرا :
اكتشفوا المجهول المذهل ونقبوا عن حكايات الجمال في أرض لن تنتظر مثلي ولاصورة مثلكم للحديث عنها. لكن بمهنية إعلامية ولكن تحياتي .
بقلم
صالح جراد الشهري