لقد خلق الله هذا الكون وجعله يسير بنظام محدد، وبدقة متناهية، ومتناسقة، فالكواكب تسير في مسارات منتظمة، والأرض تدور في مدارها بانتظام، والشمس تشرق وتغرب في زمنٍ محدد، فسبحان الذي خلق كل شيء ،وجعله يسير بنظام دقيق، وموزون؛ فكلما تفكرنا في المخلوقات، والسماوات، نجد التوافق، والتوازن، والانتظام، سمات ملازمة لها؛ لاتنفك عنها أبداً .
ولذلك: فإن جميع المخلوقات الحية، والجمادات في هذا الكون الفسيح، قد جعل الله لها أنظمة، وقوانين ربانية، تسير وفقها لاتتعداها، وقد دل على ذلك: ماورد في قوله تعال:﴿لَا الشَّمسُ يَنبَغي لَها أَن تُدرِكَ القَمَرَ وَلَا اللَّيلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ في فَلَكٍ يَسبَحونَ﴾ [يس: ٤٠] .
فديننا الإسلامي: هو دين النظام، والسلام، والانسجام مع القوانين الربانية، والفطرة البشرية، فبالنظر للعبادات والطاعات، والمعاملات، نجد أنها مبنية على نظام دقيق وموزون، فالصلاة مقيّدة بأوقات ثابتة، وشهر رمضان محدد وواضح، وكذلك الحج له وقت معين لايمكن تجاوزه، وعلى ذلك تُبنى سائر الطاعات، والحكمة من ذلك؛ تهذيب النفس وتربيتها، على النظام والانضباط، لينعكس ذلك على تعاملاتنا، وكل شؤون حياتنا .
ومن هذا المنطلق؛ نستشعر أهمية احترام النظام والإلتزام به، فهو بمثابة جسر العبور ،الذي نعبر من خلاله لبر الأمان ويعتبر أمر في غاية الأهمية، لأن الحياة لاتستقيم إلا بالأنظمة التي تضبط شؤون البشر وتعاملاتهم، وتحد من انتشار الفوضى التي تُنافي كل الأنظمة والقوانين، وتساهم في دفع عجلة التقدم والتطور، ويصبح المجتمع الذي يسوده النظام؛ أكثر ترابطاً، وانسجاماً من غيره.
والإلتزام بالأنظمة والقوانين؛ يحفظ للناس حقوقهم، ويحقق المساواة بينهم، ويعم السلام المجتمع الذي يطبّق هذه الأنظمة، ولذلك فإن وصف أي مجتمع بالتقدم، أو التخلف مرهون؛ بمدى إلتزام أفراده، ومؤسساته بالنظام العام، في ذلك البلد.
والمحيط الذي يعيش فيه الإنسان؛ له دور كبير في التأثير على سلوكه وتعاملاته، فالأسرة التي تتعامل مع بعضها البعض بتوافق واتزان؛ حتماً ستؤثر هذه المعاملة على الفرد، وتجعله أكثر تقبلاً وانسجاماً لهذه القوانين، وكذلك المدرسة لها دور كبير في حث الطلاب على احترام النظام، وكل المؤسسات؛ بالتأكيد لها دور فعال في توعية المجتمع وحثهم على احترام النظام.
والحديث عن الأنظمة والقوانين، بحر لا ساحل له، ولاتستقيم الحياة إلا بنظام يحكمها، فوجوده بمنزلة السراج الذي يضيء لنا العتمة، لنسير بكل وضوح.
بقلم
أ. علي عبدالله الشهري
التعليقات 2
2 pings
محمد الشهري
2020-10-29 في 6:23 م[3] رابط التعليق
كلام رائع أ.علي
غير معروف
2020-11-01 في 4:54 ص[3] رابط التعليق
تسلم ونقدر مرورك ولطفك