كم من جريح كابر على جرحه و كم من خائف أدعى الشجاعة ،ابتسامة تقبع بين عيون تبكي وشفاه ترتجف ،كتلة حزن تفضح ألم أكبر من سنين العمر الغض .
أنا بنت العراق المجيد ، تساوم الكاميرا ابتسامتي بقطعة خبز و شربة ماء ؟
تأبى العروبة وحضارة الاف السنين ومجد الأجداد أن أرضخ لكم ، لن ابتسم ولن أكذب ، لن أجمِّل حاضر قتلتموه بعد أن خذلتموه .
كيف ابتسم وقد أمسيت مهجرة من وطني الذي يرفضني و يرفض عقيدتي ، أليس ديننا واحد ؟ ، هل ترفضوني على مذهبي؟ أبهذا الضيق أصبح الوطن ؟ بعد أن كان بسعة الكون لكل الأديان السماوية والغير سماوية ، أديان ليس لهم اتباع الا على أرضه من الإيزيدية والصابئة والبهائية ، و اليوم يتم نحر وتصفية كل الأديان والمذاهب المختلفة .
وطني ضاق بأهله ونفى من هم منه ، أسمع تنهيدات الكبار :هذا لم يعد عراقنا ، يحكون عن مزارع ونخيل ونهر كانوا يرتوون منه ، المزارع جفت والنخيل حرقت والبئر تعطلت والبشر هُجروا ، يحكون ويحكون عن بلاد لا أعرفها ، ولا أدري هل حقا قد كانت أم هو نسج خيال !! حكايات العجائز والمسنين لا تنتهي عن جنة الله في الأرض،يقولون مؤامرة خارجية !! قد يخفف الحزن إن صدقنا أن كل هذا التفكك والضياع من الخارج ، مؤامراتنا صناعة داخلية لا تحتاج أيدي خارجية نحن نصنع الاغتيالات والدسائس ونشعل الفتن ونقتل الوطن.
بلاد حمورابي تاهت فيها قوانين العدل ، وسادها قانون الظلم والقهر ،
بلاد رافدين أحدهما من الجنة الموعودة ، تعيش تحت خط الجوع ، بلاد العباسيين والمعتصم الأشم اللذي حرّك جيوشه تلبيةً لاستغاثة امرأة ، اليوم أصوات الصرخات والعذابات لايتسع لها الفضاء ، بلاد العلم والعلماء أجياله الجديده تغرق في الجهل والأمية ، بلاد سيبويه والفراهيدي تغرّبت العربية فيها واستوطنت الأعجمية ، بلاد الفكر والشعر والفنون الجميلة تلونت شوارعها بدماء شهداء أو خونة ، وهاهي أوتار الأصفهاني والموصلي علِّقت مشانق لأبناء بلادي .
فوضى في فوضى ، الكل يقتل الكل ، والكل يكفِّر الكل ، تحول العراق الى العراك ومابين منفى أو سجن ، لم يعد لنا وطن .
أتساومون ابتسامة بقطعة خبز وشربة ما ؟سأبتسم،
فابتسامتي ليست بأغلى من وطن ضائع ولا بأكذب من أحلامنا ، تنازلنا عن كل ما نملك فهل لازلنا نملك حق الشعور ؟
بقلم منيرة المخيال