بعض الأزمات المالية والظروف القاهرة والطارئة تفضي إلى اضطراب أوضاع التاجر المالية وعدم استقرار المعاملات التجارية , وإذا ترك التاجر لمصيره المجهول وسقط في هوة الإفلاس , فان هذا الوضع قد يخلق اضطراب في السوق ويودي إلى عدم استقرار المراكز القانونية والمالية للمتعاملين معه , وهذا يقود إلى بيئة اقتصادية غير جاذبة للاستثمارات . ومن هنا فقد دعمت بعض التشريعات سن قوانين واقية من الإفلاس تقيل التاجر من عثرته تلافيا للآثار الناجمة عن الإفلاس وخطورة شهرة . وفي الوقت ذاته تتضمن حماية للدائنين تمكنهم من الوصول لحقوقهم المالية إذا تعاون الأطراف في إتمام الإجراءات التي قد تؤدي إلى إنقاذ المنشأة والوصول بها إلى بر الأمان .
ومن هنا فقد حرصت المملكة على سن التشريعات التي تخلق بيئة اقتصادية جاذبة ومنها صدور نظام الإفلاس رقم (م) /50 , تاريخ 28/2/1439هـ . ومن أهم ما تميز به النظام الجديد على النظام القديم هو انه تضمن حزمة من الأحكام الإجرائية المتعلقة بالتسوية الوقائية من الإفلاس تهدف إلى إنقاذ المتعثر حسن النية الذي لم تتدهور حالته المالية . وهناك أمل في إنعاش وضعة و إخراجه من دوامة الخسائر عندما يتوصل مع الدائنين إلى اتفاق لتسوية وقائية لديونه . ويحتفظ في نفس الوقت بإدارة نشاطه التجاري .
وسنقدم شرح مختصر لهذه الإجراءات وذلك للتوعية القانونية والاقتصادية للمستثمرين ورجال الأعمال والمتعاملين معهم.
ويبرز كأول تساؤل : من الذي يستطيع التقدم بطلب التسوية الوقائية ؟ والجواب ....
يستطيع التقدم كل من كان مرجحا انه يعاني من اضطراب مالي ويخشى تعثره أو من كان قد توقف عن سداد دين مطالب به في موعد محدد نتيجة اضطراب وضعة المالي , وكذلك من استغرقت ديونه جميع أصولة على ألا يكون قد سبق له الخضوع لهذا الإجراء .
وعند تقديم طلب التسوية الوقائية يجب على المدين تقديم مقترح التسوية على أن يتضمن نبذة عن وضعة المالي وتصنيف الدائنين وطلب بتعليق المطالبات , مع إرفاق تقرير معد من أمين التسوية يتضمن ترجيحه لقبول أغلبية الدائنين لمقترح التسوية وإمكانية تنفيذه . كما يقدم طلب للمحكمة لإنهاء أي عقد يكون المدين طرفا فيه . ويرفق تقرير الأمين الذي يوضح فيه سبب الإنهاء . ويبلغ المدين الدائنين بموعد الجلسة خلال خمسة أيام من تاريخ التقديم وللمحكمة صلاحيات تأجيل النظر لمدة لا تتجاوز (21) يوم , أذا كانت تحتاج معلومات إضافية وترغب بتصنيف الدائنين . ويمكن للمحكمة رفض الطلب في حال رأت انه غير مستوف أو أن المدين تصرف بسوء نية .
وإذا حكمت بافتتاح الطلب تصدر قراراها وتحدد موعد لتصويت الدائنين مع بقاء العقود التي يكون المدين طرف فيها قائمة . ومن ثم يبلغ المدين الدائنين المحددين بالمقترح بقرار المحكمة خلال سبعة أيام سواء بافتتاح الإجراء أو تعليقه , ويودع نسخة منه في سجل الإفلاس.
ثم تتوالى الإجراءات حيث يصوت الملاك الذين تتأثر حقوقهم بالمقترح المقدم. ويمكن لأي دائن طلب أدراجة في المقترح , وللمدين الاستعانة بخبير لتقدير المطالبات . ثم يصوت الدائنين وفق فئاتهم , ويقوم المدين بإبلاغ الدائنين والملاك بنتيجة التصويت , ويطلب من المحكمة التصديق على المقترح أو تعديله , وتبليغ الدائنين بموعد التصويت خلال خمسة أيام , ويبلغ الدائنين فور تصديق المقترح. وللدائنين الاعتراض علية في جلسة التصديق , ويودع المدين نسخة من تصديق المحكمة على المقترح في سجل الإفلاس .
والسؤال : متى تنتهي إجراءات التسوية الوقائية ؟
1- إذا تقدم المدين إلى المحكمة بطلب إنهاء الإجراء لاكتمال تنفيذ الخطة .
2- إذا لم يتحقق النصاب المطلوب في تصويت الملاك أو الدائنين على المقترح أو تعذر تصويت الملاك أو الدائنين عليه في الموعد المحدد .
3- إذا رفضت المحكمة التصديق على المقترح .
4- إذا تقدم المدين بطلب إنهاء الإجراء لكون شروط الافتتاح لم تعد تنطبق علية.
5- إذا تقدم المدين أو الدائن بطلب الإنهاء لتعذر تنفيذ الخطة.
6- إذا تقدم المدين بطلب إنهاء الإجراءات لعدم رغبته في الاستمرار في إدارة نشاطه أو استكمال تنفيذ الخطة .
7- إذا تقدم ذو مصلحة بطلب إنهاء الإجراءات لوجود مخالفات مؤثرة خلال الإجراء أو إن المدين ارتكب فعل مجرم وفق نظام الإفلاس .
وفي المقال القادم نتحدث عن التسوية الوقائية لصغار المدينين
بقلم / المحامي والمستشار القانوني خالد بن عبد العزيز اليحيى