أنا هنا في المنتصف..كل شيئ ناقص ..لاأنتمي إلى هنا ولاإلى هناك..نصفي هنا ونصفي الآخر هناك نصف فرح ونصف سعاده ونصف راحه..
عندما قرر أبي وأمي اعلان خبر طلاقهما والإنفصال انفصلت روحي عن جسدي انقسمت إلى نصفين نصفٌ مع أبي ونصفٌ مع أمي ،تم الاعلان عن هذا الخبر بكل هدوء ليوحوا لنا بأن الأمر طبيعياً وقراراً صائباً ..
في الساعات الأولى من الطلاق انقسم كل شيء البيت ،المشاعر،الوالدين،انقسمت الأراء من حولنا ،بدأت تتخطفنا الأيدي تارة هنا وتارة هناك أنا وأخوتي أصبحنا كالكرة يتقاذفها أبي وأمي كلاً منهم يريدنا في ملعبه..تم الاتفاق أخيراً أن نبقى أنا ومنال وخالد مع أمي..
انتقلنا إلى منزل جدتي، اجتمعنا مع أمي في غرفةٍ واحده لامجال لنا أن نبحر في المنزل فالمكان صغير لايحتمل..
بدأنا في تفريغ الحقائب وكأننا نُعيد ترتيب حياتنا من جديد،كنت أشعر بانكسار أمي ،كنت أشعر بألمها وأرى دموعها التي تسقط على ملابسها وهي تعيد ترتيبها وتدعي بأنها أصيبت بالزكام أعلم بأنها تستعيد الذكريات و ترى أبي في كل تفاصيلها أعلم بأن أبي يعيش فيها مهما كابرت وأنكرت
اجتمعنا في غرفه يعيش تحت سقفها أربعة أشخاص أشعر بأن المكان يضيق بنا منزلنا الكبير تحول إلى غرفة صغيره ،تفتقد أمي لبيتها وخصوصيتها تفتقد إلى مملكتها التي بنتها مع أبي يوماً بعد يوم.
أبي وأمي رسالتي لكما بعد كل هذه السنين أنا لست سعيدة كما ترون أنا أجيد التمثيل أمامكم مهما قلتم لي من عبارات تحفيزية أعلم أنها مجرد كلمات ،أنا لاأعرف الفرحة كاملة أنا أعيش في المنتصف كل شيئاً ناقص ،في العيد فرحتي ناقصة وسعادتي لاتكتمل ..أرى في عين أمي الخذلان هي تحاول جاهدة بأن تكون لنا كل شيء ،ولكن نظراتها وعينها التي تمتلئ بالدموع دائماً ماتفضحها ،أشعر بكسر قلبها عندما تمر المناسبات وهي وحيدة لتثبت أمام الجميع بأنها صامدة وقوية لاينقصها شيء ولكن سرعان ماتعود كالطفلة الصغيرة ولسان حالها يقول لماذا أنا؟؟
العيد هنا لاطعم له ولا لون دون أبي وضحكته حتى هيبته ووقاره التي طالما اشتقت إليها ،صلاة العيد التي كنا نتسابق عليها وحلوى العيد كل شيء مختلف ،أشعر أنني غريبة في هذا المنزل رغم كل الحب الذي يحيط بنا ولكنه شعور الغربه الذي تلبسنا عند انفصالكم حتى ونحن بينكم..
أشعر أن حدود حريتي أنا وإخوتي لاتتجاوز جدران تلك الغرفة..
كنت أسمع جدتي في كل مره توبخ أمي وتقول كلماتها التي كانت تقتلني وتقتل كل أمل في قلبي (سيمضي عمرك وأنتِ تربين أطفاله سيتزوج هو وتبقين انت خادمة لهم )
كنا نعيش في خوف لانعرف الأمان الأسري الذي يتمتع به غيرنا ،كنت أخاف من اليوم الذي تقبل فيه أمي بالزواج من رجلٍ غير أبي ،كنت أراها تصلي آخر الليل واعلم أنها تستخير الله في الرجل الذي تقدم لخطبتها كنتُ أدعو الله أن لايريح قلبها ويصرفه عنها ،زواج أمي يعني أن نبدأ المعاناة من جديد لنعيش في بيت أبي كالغرباء .
أبي وأمي أنتم لاتعلمون كم نتألم حتى وإن بدأنا هادئين غير مكترثين أبسط الأمور تؤلمنا ..أبسط التفاصيل تمزق أرواحنا..
في أحد المرات كنت مع خالي في سيارته متجهين إلى المدرسة كنت أموت الف مره عندما يتحدث مع ابنته ويمازحها ويدللها وفجأة عندما ينظر إلى مرآة سيارته يتذكر بأن هناك شخص يقبع في الخلف تخنقني العبرة ويغص الكلام في حلقي..
أبي وأمي لايهمني من كان المخطأ فيكم كل مايهمني أنكم أخطأتم في حقنا وفي حق طفولتنا وأحلامنا ،أبي وأمي سعادتنا ليست في الهدايا ولافي أحدث الأجهزة سعادتنا كانت أنتما ..سعادتنا فارقتنا حين افترقتو.
بقلم :ساره الزايدي
التعليقات 3
3 pings
عبدالله الحكمي
2020-12-15 في 8:47 م[3] رابط التعليق
مقال رائع … رغم ما بين السطور من بوح مؤلم
منذ سنوات وانا اقول وأكرر ان الطلاق سبب لكثير من المشاكل واحيانا ماسي.
ساره إبدعتي فعلا في نقل مميز لمشاعر وأحاسيس احسست بها وانا اقرا اخرفك الذهبية
الان بإمكانك تناسي الماضي ونسيان ما حصل هنا وهناك خلال محاولتك الصمود خلال ما مضى من عمرك
الحياة قد يمر فيها الانسان بمعاناة كما حصل ولكن يبقى الامل دايما في غد افضل
حفظك الله
ساره الزايدي
2020-12-16 في 11:11 ص[3] رابط التعليق
شكراً لك أخ عبدالله ..ولكن القصة من وحي الخيال لاتمس لي بأي صله، ولكن احساس عالي لدي عن هذي الفئة ترجم لكم قلمي بعض من مشاعري وبعض من مايشعرون به 🤍
غير معروف
2020-12-19 في 5:29 م[3] رابط التعليق
ياسارة تحدثتي عن ثلاثة انصاف وليس نصفين
!!!!؟؟؟؟