ومضت ليلة رأس السنة الميلادية دون أن يُوقف احتفالاتها احد ، العالم أجمع نسي أن كورونا الجديدة المتحولة جاءت تستقبل العام الهجري مع الجميع ، وانبهرت كورونا بهذا الجمع الغفير ، وأدركت أن الفرحة في النفوس لا يمكن أن يمنعها صوت أو صراغ أو زعيق ، فعش بنسبة تسعين بالمائة بسعادة نفسك دون تهلكة ، واجعل العشرة المتبقية تنتظرها من الآخرين، فإذا جاءت أهلا بها، وإذا رأيت من يرغب التنغيص عليك فلديك اصبع لتحذف صوته المزعج ، أو غادر الموقع إذا لم تكن صاحبه، أو اطلب منه عدم إزعاج الآخرين ، لن يسعدك صوت أو صراخ فأنت تعرف الله أكثر من أناس كثير كنت تظن أنهم الأوصياء واكتشفت أن سعادتك بين القلب والفكر بموقع قريب ويا كلمة التوحيد رددي .
العالم أجمع كان يحتفل في ليلته لكن هناك أناس من النصراويين بعيدون من الإحتفالات فقد كانت مهمتهم مختلفة بعيد عن احتفالات لم يرد التنصير داخلها، فماحطت قدمي في بلاد إلا وجدت بها أمة من أجل تنصير المسلم وغير المسلم ، حتى عدن اليمن ، والحديدة اليمن ، وقابلنا في جولاتنا تلك النصرانية العجوز النشطة وهي تصعد الجبال ، وتخترق الطرق الضيقة بعصب القدمين بالرغم من تقدمها بالعمر ، وتبحث عن الناس في أكواخ الجبال وتنشر المسيحية في عقر دار المسلمين ، فالإقناع لم يكن عند هؤلاء صراخا في المنابر أو خلف الشاشات ، بل عند هؤلاء بصمت استخدموا به رغبة الإنسان في لين الكلمة وهدؤ تقديمها ، فرأيت ما رأيت في نشر التنصير هناك بعيدا عن الإحتفالات ، إن الأديان على حق أو باطل يعتنقها الآخرون من خلال الكلمة والسلوك والأخلاق، فلك أن تكسب هذا، أو يحتقرك ذاك لأنك أزعجته بالصراخ حتى تعطلت سماعة الهاتف والتلفاز وتظن أنك قد بلّغت بينما كنت مزعجا، ويبقى الكلام اللين أساس المعاملة بعيدا عن التسلط أو الوصايا، فأعياد الميلاد تضيء أنوارها، وهناك بالبعيد من يصعد الجبال من أجل التنصير ، ونحن في إختلافات نحضر أو لا نهنيء بينما التنصير يزحف بين أمة محمد بعيدا عن الإحتفال والقوم في غفلة الا مما يظهر ويعرفه الجميع وتبدأ الفتاوى من هذا وذاك ، وحتى يستمع لك الناس فليكن تعاملك لفظا راقيا شكلا ومضمونا بكل الرقي فأنت مثل أي فرد يحضر لك اللقاء ، وقد يكون بين الحضور انت طالب في علمه وأدبه ومعرفته ، فالدين المعاملة لئلا تجد نفسك يوما تقف وحيدا على المنبر وتسأل أين القوم ذهبوا.
مضت ليلة دخول رأس العام الميلادي الجديد بكل الأهازيج والفرحة، وبقي الجميع على دينهم وعقيدتهم أو إلحادهم وظلم أنفسهم بعد أنقسم الناس بين التحريم ، وعدم الجواز ، أو المشاركة حضورا وتهنئة دون الإلتفات لما قيل ، أصحاب التحريم لابد أن تعرفوا أن الموضوع متعة وإنصراف بدون معنى للعقيدة والأمر ماض بحضور المسلمين لهذه المناسبة في كل بقاع الأرض ولن تنفصل المجتمعات اليوم بعد أن باتت رقعة الأرض بمساحة الكف بين يديك ، وأصحاب عدم الجواز هذا أمور يصعب منعها وإيقاف الناس عنها طالما هي قشور دون محبة عقيدة اصحاب الإحتفال أو إعتناقها ، أما المشاركون حضورا وتهنئة هم الوحيدون الذين عرفوا أنها متعة تغيير بعيدة عن عقيدة هؤلاء ولكنها لاشك هي ثقافة عالمية فأستمتعوا وبقي اليقين ، وقد سبق في عام ١٩٧٣م أن تمت الإعلان لإقامة حفل رأس السنة الميلادية في الدور ١٢ في عمارة الملكة بجدة وتم نشره في صحيفة عكاظ في العام نفسه .
الصراع بين هذه الفئات يذكرنا بصراع رجال الكنيسة مع رجال الصناعة في روما في القرون الماضية ، ولولا إصرار رجال الصناعة وقمعهم لرجال الكنيسة لكان حالنا أن نعيش في عصر ما قبل العصر الحديدي وهو عصر الغاب ، ولكن رجال الصناعة فازوا وزاد عدد القتلى من رجال الكنيسة الذين تبجحوا بفتوى عدم جواز الصناعة لأنها لم ترد بالإنجيل ، وانتهى الصراع بعد أن تمادى رجال الكنيسة بالضغط على رجال الصناعة ، وتم قتل عدد كبير من رجال الكنيسة عندما فاض الكيل برجال الصناعة ، حينها قرر رجال الكنيسة التراجع وغادروا ليستقروا بالعيش في قرية الفاتيكان والتي لا تزال بكرا في حياتها حتى يومنا هذا ، ومنعوا رجال الصناعة من التصنيع في قرية الفاتيكان، واليوم نجد رجال الكنيسة يسارعون بإستخدام والإستفادة من الصناعات واستخدموها بعد أن منعها أجدادهم الأوائل ، وهكذا تم قمع رجال الكنيسة المتخلفين في ذاك العصر الذين رغبوا بجهالة إيقاف مسيرة الحياة الصناعية ، واليوم نستمتع بهذه الصناعات في حياتنا عامة وفي كل المجالات ، وإختصارا لمعرفة المزيد ، أقرأ مؤلف ( شيفرة دافنشي ، لمؤلفه دان براون) ، والمُؤَلَّف مترجم بالعربي وتم عمله في صناعة فيلم بنفس الإسم حيث يوضح ضمن حيثياته الكثير من جهالة هؤلاء ولديهم إختلافات عديدة، وهم يجلدون أنفسهم بتعذيب الجسد بعيدا عن أعين الناس بإعتقادهم أن هذا يخلصهم من عذاب الآخرة ، ويؤكد مؤلف الكتاب أن عيسى عليه السلام هو نبي الله فقط ، بالرغم انه لا يهمنا أن يشهد آخرون بما ورد بعقديتنا ولن نفرح بهذا ليقيننا ، ولقد حاول رجال الكنيسة منع الكتاب وتم سحبه من الأسواق بعدد من الدول ولكن تمكّن الكثير من الحصول عليه وكان متوفر أيضا في مكاتبنا الكبيرة.
هنا تكون وقفتنا أن أعيادهم لا تعني للمسلم شيئا بالعقيدة عدا ثقافة تزيد من يقيننا، ومتعة مؤقتة من القشور ، فحينما يقرر المسيحيون أصحاب هذه الأعياد في هذه المناسبة بمحاضرات وخطب وندوات وصراخ يصم الآذان من أجل التنصير أو توزيع منشورات في مواقع الترفيه ، هنا يرفضها المسلم شكلا ومضمونا، ولكن في أعيادهم ولبسهم لا تفرق بين المسلم والمسيحي واليهودي والبوذي ، عدا التنطيط ويستمتع الجميع بهذا.
ويبقى تعامل المسيحيين أكثر رقي وأدبا من الصهاينة اليهود ، ولكن لا تثير حفيظة الناس وتنتظر الإحترام ، فلست أفضل منهم لدى المجتمعات المتنوعة مهما كنت متيقنا أنك على حق، ودينك حق، أما أن تعيش بينهم بالرقي المتبادل أو ارحل عن التعامل معهم ولن تستطيع فقد بات العالم مترتبطا بتعامل المصالح المشتركة وليس بالأديان .
بقلم
أ. طلال عبدالمحسن النزهة
التعليقات 2
2 pings
غير معروف
2021-01-02 في 7:10 ص[3] رابط التعليق
احسنت صديقى للاسف نحن البعض يشوه صورة الاسلام والبعض الاخر يستغل هذا التشوه ..تحياتى
غير معروف
2021-01-02 في 3:28 م[3] رابط التعليق
من تشبه بقوم فهو منهم
كلمة قالها النبي صلى الله عليه وسلم في جامع الكلم
وقال ليس منا من عمل بسنة غيرنا
وهذه الكلمة ترد على كل من عمل بسنة غير سنة المسلمين منها الاحتفالات هذه فكيف إن كانت دينية