في مراجعة بسيطة لتاريخ حياتي منذ طفولتي ومراهقتي وشبابي ، توقفت اليوم وانا انظر لهذا العمر الذي مضى ورحل ولن يعود الا بالذاكرة والذكريات وما تبقى منه في علم الغيب.. لفت انتباهي مقابله اجراها أ.د عبد الله الغذامي وهو يتكلم عن ما حصله من علم وشهادات لم تعد تعني له شيئا بقدر ما يعنيه اسمه المجرد او اسم اكبر ابناءه (غاده) , والحقيقة أن كلامه واقعي جدا واذكى في نفسي الشعور نفسه . فأنا اليوم لم تعد تهمني الشهادات والتحصيل العلمي والمناصب التي حصلت عليها او شهادات الشكر والثناء الممتلئة بها حوائط مكتبي وصالون منزلي. لم يعد يهمني من حياتي الا ما اقوم به من عمل صالح يبقى شفيعا لي في اخرتي ويقربني لربي ، فقد ابتعد الاصدقاء و أبتعد المعارف وقل الباقون وكثر العابرون وهزل الجسم وقل النظر وبدأت اراقب الحياة من خلال العقل مصحوبا بالفكر واصبحت اسعى لحماية خصوصية حياتي لكي لا تفسدها لقافات الناس وتدخلاتهم وتصخب سكينتي , لقد بدأت اعجب بألوان الاشياء اكثر من العلامات التجارية ,فلم تعد تهمني ماركة ساعة او سيارة امتلكها او نوع درجة تذكرة السفر التي اسافر عليها , تغيرت توجهاتي وعقارب تفكيري ونظرتي للحياة فأصبحت استمتع بالحديث مع البسطاء أكثر من أن اتحدث مع العظماء والوجهاء ابتعدت عن الوقوع في العلاقات المؤذية لنفسي وسمعي وبصري والعديمة الفائدة والمعنى , أصبحت أعطي أكثر مما اخذ وبدون احتياج لعاطفة او شكر من احد , جعلت التسامح مع الكل لأبعد الحدود شعاري ومنهجي واحببت التنقل بين الأوطان لأني وجدت فيه بعض من ذاتي واطلقت ضحكاتي بدون حذر واصبحت اذرف دمعتي القريبة جدا بدون اي خجل لا يهمني من يرى دموعي بقدر ما يهمني اني أصبحت رقيق المشاعر . لم اعد أحب المجادلة والمحانكة حتى ولو كنت متأكد من ان رأيي صحيح. لم يعد يهمني كيف يحكم الاخرين علي ولا يهمني سلطة أو جاه او مركز فقد اكتفيت منها، أصبحت أكثر من القراءة لأستعيد بعض ما سرقته مني سنوات عمري التي مضت والمشاغل والالتزامات التي كانت تشغل كل وقتي. وفي خضم كل ذلك ايقنت تماما ان العمر مجرد رقم في هويتي فقط لا يغير من الواقع شيء وان احداث الحياة هي من يقرر سني وعمري ووضعي.
هذا المقال فيه اقتباس من بعض ما قاله الدكتور عبد الله الغذامي في مقابلته واضفت عليه الكثير من احاسيسي وواقعي الذي توافق مع كل ذلك .
بقلم : طارق محمود هلال