هنيئا لمرتادي الكافيهات والمطاعم من الرجال والسيدات الكل يجلس مع القهوة والسيجاره ، ويستمتع بجو رومانسي في دقائق قفل الأنوار والأبواب من أجل نظام التقفيل في وقت الصلاة ، بينما مرتادوا مواقع الضروريات الهامة والمستعجلة من أدوية ووقود سياره، ونساء في شراء حاجاتهن، كل تلك الفئات ينتظرون في الشارع على السلالم وجوار المحطات وقت الصلاة حتى تُفتح الأبواب ويتأخر جمعهم الغفير عن الصلاة وتتعطل متطلباتهم الضرورية ، فيالها من فروقات مريحة بين مستمتع بقهوته داخل الكافيهات وقت الصلاة، وآخرين في قلق الإنتظار بالشوارع والسلالم ينتظرون الأهم في قضاء الإحتياجات من أجل نظام قفل الأبواب .
أوشك خزان الوقود في سيارتي على الإنتهاء ، وعرفت أن مشواري أطول من كفاية الوقود وأسرعت لأقرب محطة لكن فرحة العمّال بالتوقف لأداء الصلاة كانت كبيرة ، وتوقف تعبئة الوقود مع الآذان وأطفئت الأنوار ولم يكن أمامي غير الإنتظار جوار خزانات الوقود في المحطة حتى تنتهي الصلاة وأنت وحظك يطول الوقت أو يقصر ، وسبقتني بلحظات سيارتان ولم يكن أصحابها أكثر حظ مني فقد قرر العمال العودة للعمل بعد الصلاة ، وما أسوأ بعض جنسيات العمالة عندما تتسلط وتناقشك من الفتحة الضيقة بالنظام نصا وروحا وقوة ولؤما ، وتظهر بكلمات مكسرة لتعليمات صارمة فلا تعرف من أين تجدها حولك بين التعطيل وضياع الوقت، وبين آخرين خافوا على أنفسهم فتسلطوا بقوة النظام وفرصة للراحة مع كل آذان ، وتمضى الدقائق بطيئة وأنا أراقب عددا من السيارات تقف خلفي وجواري حتى بات العدد لعشر سيارات تقف على جانبي خزانات الوقود كسجناء ينتظرون الجلاد سارق الوقت وساحب المال حتى تنتهي الصلاة وعلى بُعد أمتار من زحمة السيارات تجد لوحة بالخط العريض ، نتوقف لأداء الصلاة.
البعض غادر المحطة لعل مشواره قصيرا والوقود يكفي ، وآخرون أنتظروا الرحمة بعودة العمال حتى يسمعوا الإمام القريب والبعيد قد انتهى من الصلاة فيعودوا للعمل يتسللون من هنا وهناك ، وأنقسم بعض أصحاب السيارات على أنفسهم خلف مقود السيارة بين قضاء الوقت في سماع الموسيقى أو المكالمات ، ولكن الأغلبية وجدوا فرصة لقتل الوقت مع شاشات الجوال المضيئة جوار الخطر من هذا المكان ، ولم ننس الدعاء خوفا ورجاءا من حادث يصير في تلك اللحظات ، وبدأ التفكير السلبي فيما لو اشتعلت إحدى السيارات التي ترك صاحبها المحرك يدور في زحمة المكان بينما سيارته كأنها من عهد الفراعنة القديمة وأنت ترى زيت التحنيط يتساقط من أسفلها والصوت كأنه يقول افسحوا الطريق ، فأين تهرب الصفوف بسياراتها المتلاصقة حينما يحين الخطر من زحمة السيارات ، أو حينما ينفجر احد خزانات الوقود بغياب العمالة والسبب العبث في الجوال قريبا من خزانات الوقود ، وأدركت أن السلامة مفقودة مع صفوف الإنتظار للسيارات التي تقف أمامك وخلفك وجوارك فلا مفر وانت محاصر بهذه المجموعة من السيارات وغياب العمالة.
وبدأ القلق يزداد مع كل دقيقة إنتظار ، فالعمالة غادرت المحطة فجأة مع الكلمة الأولى من الآذان ، غادروا وكأن الرعب احتوى نفوسهم فجأة وهم على علم ومعرفة ودراية ليس لأحد الوصاية عليهم ليسوقهم للمسجد وتأدية الصلاة ، ولكنهم خافوا من أمر آخر البعض عاش ويلاته ، فأنسحبوا تحت غطاء ظلام المحطة وربما غادروا لغرفهم لتجهيز الطعام ، وتوقف أصحاب السيارات عن الصلاة واللحاق بالصلاة وهم في مقاعد سياراتهم جالسين ، وتعطل جمع كبير مع توقف محطة الوقود ، ويبدأ التفكير والسؤال بصوت مسموع ، لماذا لا يذهب واحد أو إثنان للصلاة ويبقى الآخرون للصلاة لاحقا، فمحطات الوقود خطر دائم وموقع رعب للعارفين أن كوارث الوقود تقع في ثوان من اللحظات، وهكذا تتكرر الحالات في يومها لخمس مرات عدا وقت الفجر فالبعض يأمن نفسه فتستمر التعبئة وقت الصلاة ، وأيضا في طرقات السفر البعيدة ، وهذا المؤشر يعني تقفيل المحل والأنوار عند البعض هو رعب وليس قناعة وطاعة فعلاقة العبد مع ربه لا تحتاج الإستعانة بقوة النظام .
ورأيت في الأيام التي تلي هذا الموقف مجموعة من الزنابق السوداء داخلها الطاهرات من الأخوات والأمهات والزوجات والبنات كلهن يجلس أمام المحلات التجارية لإستئناف قضاء حوائجهن من المشتريات بعد إنقضاء الصلاة ، فقد غادر المكان أصحاب المحلات من أجل الصلاة وآخرون صلوا داخل المحل ولكن الأبواب والإضاءة مقفلة فهذا هو النظام بينما تركوا النساء يجلسن على الأرصفة وسلالم المحلات ، ومثلما المجتمع يضم السواد الأعظم من العفيفات فعسى لا يتواجد بينهن على السلالم جالسات يتصيدن مثل هذه الفرصة والتعارف بغرض نية السوء من الحاقدات.
وما أصعب المواقف عندما تخرج سريعا من أجل شراء علاج لطفل أو أسرة صدمك الموقف الطاريء في أحلك اللحظات ولابد من شراء الدواء ، وتجد الصيدلية أقفلت أبوابها فقد حان وقت الصلاة ، وتمر الدقيقة مع اخواتها من الدقائق وأنت تضغط على أطراف أصابع يديك وشفتيك وتتمنى الوقت عجلة لدفعتها بيديك حتى ترى إضاءات الصيدليات تشعل أنوارها من الداخل ، فتندفع للصيدلية ومعك المنتظرين ليعيد الإنتظار نفسه لمن سبقك لطبيب الصيدلية وطلب العلاج، وتمر الدقائق وقد أصابك الجهد دون أن تجري أو تلف حول الميدان.
وتغادر الصيدلية ولكن تتساءل كيف رأيت أنوار الصيدلية تُضاء من الداخل والباب كان مقفولا، فتعرف أن هناك في الداخل من ينتظر إنتهاء الصلاة بالمساجد ليفتح الأبواب ، وتسأل هل تقفيل هذه المحلات الهامة في كل الأوقات هو نظام يتم تطبيقه دون التفكر بالحاجات الملحة، ويصل من نفسك الجواب، من رغب الصلاة فسوف يصلي ولا ينتظر وصيا قائما عليه ليؤدي الصلاة ، وتسأل مرة أخرى ولن تجد الجواب، لماذا لا يتم التناوب لأفراد هذه المحلات لأداء الصلاة لتبقى مفتوحة لهذه الضروريات، فهل الأمر بتقفيل هذه المحلات نظام يحب ويستمتع أن يرى الأنوار مطفأة والأبواب مقفلة ويتغاضى عن رؤية السيارات المصفوفة لدى محطات الوقود والخطر يحدّق بها عن قرب، والسلامة غائبة مع العمال، وهل تجاهلت البصائر جمع تلك الزنابق السوداء التي تجلس على الأرصفة لأم تركت أطفالها، وإمرأة عابرة تبحث عن تعارف وصداقات في تلك الدقائق لغرض سيء أو لسبب حميد تقضي به الوقت في الحديث، وماذا عن الوقوف أمام الصيدليات والقلق يدب ويصارع من يحتاج العلاج.
إن المحافظ على الصلاة سوف يؤديها في طهور الأرض ومسجده أينما كان ، ولا يهمه نظاما مهمته قفل المحلات وإطفاء الأنوار ولكنه بالتذكير سوف يصلي في محله لدقائق لا تطول إذا كان وحيدا، ويتناوب الصلاة إذا تواجد أكثر من واحد في المكان، وما أكثر منارات المساجد بأصوات الحق وهي بؤرة التذكير والأمر باللين حينما يقول ( حي على الفلاح) أما من رغب الراحة وقت الصلاة دون صلاة فلن يجبره ويلاحقه أي كائن ليراقبه حتى يدخل المساجد من أجل الصلاة فتلك فرصة ينتظرها البعض لأجل الراحة في أوقات الصلاة ، وهناك محلات حين إقفالها يدب الخطر في إنعدام السلامة فهي قنبلة موقوتة حين الإشتعال ، ورجال وسيدات اجبرتهم ظروف عاجلة لشراء العلاج وليس لشراء كوب من الشاي بقدر حاجته الملحة للعلاج ، والكثير يستحي حينما يعبر ويجد السيدات يجلسن على درج المحلات ، وتتألم حينما ترى إندفاع السيدات على أبواب المحلات حين إعادة فتحها، وفي خضم بؤرة القلق فمئات من المنتظرين تأخروا عن الصلاة والسبب هو نظام أقفل الأبواب وأطفئ الأنوار واجلس أينما تشاء ، فليس من حق أي كائن أن يسوق هؤلاء جبرا للتوجه للمساجد والمراقبة حتى آداء الصلاة.
هو إلحاح وتكرار ونداء من أجل المحلات الهامة التي باتت من الضروري أن يزورها الإنسان مجبرا دون سابق معرفة ، إنها محلات الوقود والصيدليات ومحلات تجارية لقضاء حوائج السيدات، فحثوا الجميع على الصلاة ولا تمنعوا قضاء حوائج الناس المستعجلة الضرورية في تيسير التناوب للعاملين في كل المواقع الهامة بدلا من قفل الأبواب لتلك المحلات.
وما أروع ساعات يوم الجمعة فهي لا تحتاج لأمر ونظام في تقفيل المحلات، فالكل منذ لحظات الصباح دون إستثناء ينتظرون دقائق الصلاة بعناق العلاقة مع ربهم فيسعون للصلاة بأمر رباني حكيم لين رقيق ، وترى البهجة في إنتشار الباعة والمصلين بعد صلاة الجمعة فتشعر بفرحة تطبيق الأمر الرباني بين السعي والإنتشار ببهجة النفوس بكل الرضا الذي عرفه الجميع واتبعوه بعيدا عن الأمر والتأكيد ، فتعاملوا مع التيسير في الحث على الصلاة دون التعطيل للضروريات الملحة وقفل الأبواب وإطفاء الأنوار أينما كانت تلك المواقع والمحلات.
بقلم
أ. طلال عبدالمحسن النزهة