في الحديث الشريف : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو .....)
الجميع يعلم المعاني السامية العظيمة في هذا الحديث فعندما يحصل ضرر لأي عضو لاشك أن أعضاء الجسد تتأثر وتتألم من أجله .. كذلك هو حال المجتمع إذا فقد رجل مهم ومؤثر أيضا يتداعى له سائر المجتمع ويتألم له .. وهذا أقل تعبير يتناسب مع فقيدنا الغالي الرجل المؤمن الصادق/رضي صالح المهدي أبو داود .. فأنت راضي بماقدر الله لك ، وصالح لجميع الناس ، ومهدي لعمل الخير منذ صغرك فهنيئا لك بتلك الصفات .
فالعزيز أبو داود يعد بوفاته "رحمه الله تعالى" قد فقدت بلدتنا القارة .. أحد أهم رجالها الأعزاء الأوفياء والذي يصعب أن يتكرر أو توجد البلد رجل بحجمه وعطائه وتفانيه في خدمة المجتمع خاصة والناس بشكل عام .. حيث أنه يملك من الصفات الكريمة التي لا يستطيع أن يصل لها الكثير .. إما لضعف إيمان أو بحث عن شهرة أو تاريخ غير جيد ... وغير ذلك أما فقيدنا الغالي أبو داود فماذا عسانا أن نقول فيه؟
فقد جمع الكثير من الصفات الغر وهي خصاله .. ولو أردنا أن نتحدث عنه ماذا سوف نضيف له وهو الفقيد الأكبر للبلد خاصة في هذه المرحلة الحرجة فترة (مرض كورونا) ..
فهل نتحدث عن أدبه .. أم عن أخلاقه ..أم عن تواضعه ..أم عن ابتسامته مع الناس أم عن عطائه للجميع والذي لا يمكن أن يقدره أحد .. وهو يعمل كل ذلك ويدرك أنه من الدين والإيمان..؟ فمنذ أن كنا صغارا ونحن نراه يخدم في المساجد ، والمجالس العبادية وجميع الأفراح والمناسبات الاجتماعية وهو يعمل بلا كلل أو ملل ،وبكل تفاني وإخلاص غير باحث عن شهرة أو وجاهة أو مظهر؟
فقد ظل يقدم ويعطي بصمت وبعيدا عن الأنظار .. وربما في بعض المناسبات لا تراه أصلا لأنه مشغول
بالخدمة والعمل .. ولا شك أن البلد تدين له بالفضل الكبير والامتنان نظير ما قدمه في سنوات طوال فالمناسبات (الدينية) هو من يعدها ويرتبها .. ومناسبات الزواج الجماعي هو أحد ركائزها ،ومناسبات الأفراح لا يمكن أن تقام بدونه وعندما بدأ ترميم المسجد ، والمجالس العبادية وقف يعمل فيهما ليل ونهار والناس في راحة .
فأبو داود هو الرمز والأيقونة الحقيقية لنجاح العمل الاجتماعي .. حيث لا يقف عطاؤه على أهل بيته وأقاربه فقط بل شمل جميع أهل البلد بذلك ورغم انشغاله بعائلته وأسرته .. فلا تجده يغيب عن أي مناسبة رغم سنين عمله الطويلة في شركة "أرامكو" .. وقد أخبرني أحد أصدقائه من خارج البلد كم هو رجل محترم ومحبوب عندهم وكم تعجب من هم في المستشفى لكثرة زواره وكم تألموا على فقده؟ والسؤال عنه؟ ومع كل ذلك لا تراه يغيب عن مشاركة واحدة في البلد حسب علمي..!!
بل حتى إجازاته من عمله كان يقضيها في البلد بين أحبابه وإخوانه المؤمنين يساعدهم ويقف بجانبهم .. فيقوم بالخدمة بلا تردد .
وعندما ترى في هذه الأيام سوء الأخلاق .. وانتشار الأنانية والابتعاد عن العمل الاجتماعي كم نترحم عليك وعلى أمثالك يا أبا داود أيها الرجل الشهم العظيم والذي بفقدك فقدنا العمل والعطاء ، والتضحية ، والخدمة التي تنبع من قلب صادق مؤمن بلا شك ولا ريب ويبقى البكاء والحزن على فقدك قليل ، وبسيط في حقك .. وإن القلب ليحزن والعين تدمع وإننا لفراقك يا أبا داود لمحزونين .. وعزاؤنا الوحيد أنك ذاهب لرب كريم ، ونبي عظيم ، وآل بيت أكرم الأكرمين والصحابة المنتجبين فأنت مؤكد أنك معهم وفي كنفهم في الجنان فهنيئا لك هذه الخاتمة السعيدة والتي سطرت لك بها مجد حافل في القلوب لاينسى فنم قرير العين أبا داود مع محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين .
والسلام خير ختام
قال تعالى :
{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونْ} .
✍️ بقلم : سلمان أحمد الجزيري .