رأى حميس صديقه محشوش بعد صلاة عيد الأضحى ، فذهب إليه وصافحه وقال له : تقبل الله منا ومنكم .
قال محشوش : تقبل الله منا ومنكم ، كل عام وأنتم بخير ، ثم قال لصديقه عن إذنك : سأذهب لذبح الأضحية وتجهيز المحشوش !
ضحك حميس وقال : قل ذاهب لتجهيز الحميس .
بدأ الجدال والنقاش الحاد بين محشوش وحميس في المسمى الصائب للأكلة الشعبية ، التى لم تندثر بالرغم من التحذير من مضارها الصحية .
قال محشوش : سأقنعك بأن ما نطلقه هو الأقرب للتسمية يا حبيبي .
المحشوشُ من حَشَّ يَحُشّ احشُشْ .
وحَشَّ حَشًّا فهو حَاشّ والمفعول مَحشُوشٌ .
فحشَّ القصبَ : أي قطعهُ .
وحَشَّ الحشيشَ : أي قطعَ لَهُ الحشيشَ .
وحَشَّ النَّارَ : أي جمعَ لها الحطبَ .
وحَشَّ النيرانَ : أي حَرَّكَها لِيزيدَ اشتعالها .
وحَشَّ النَّارَ بالحطبِ : أي قَوَّاها بِهِ .
إذًا فالمحشوشُ هو الأقربُ للتسميةِ .
قال حميس : هذا الذي قلته من القطع والتقطيع ولم تصل إلى الطبخ أو القلي ، وسأقنعك بأن الحميس هو الأقرب للتسمية يا قلبي .
الحميس من حَمَّسَ يُحمِّسُ حَمِّسْ تَحمِيسًا فهو حامِسٌ ومحموسٌ .
فحَمَّسَ اللَّوْزَ : أي قلاهُ في المِقْلاةِ .
وحَمَّسَ الدَّواءَ : أي وَضَعَهُ عَلى النَّارِ قَلِيلاً .
وحَمَّسَ اللَّحمَ : أي قَلاهُ .
إذًا فالحميس هو الأقرب ؛ لأن فيه وضع على النار وتقليته .
قال محشوش : تسميتي موجودة في اسم المفعول من حش فهو محشوش ، أما أنت فلم تظهر يا صديقي !
فلو قلت محموسًا لكان أفضل لك وأقرب للتسمية ، أما حميس فلم أقتنع به .
بدأ النقاش الحاد بينهما حتى أوشكا على العراك ، فمر الشيخ حمشوش بهما وهما يتراشقان بالكلام غير اللائق ، فرفع الشيخ صوته قائلًا : السلام عليكما أيها المتوقدان المضطرمان .
لم يبالي الصديقان بسلام الشيخ حمشوش ، فعرف أنهما ثائران .
ظلَّ الشيخ حمشوش واقفًا ينظر إليهما ويتعجب من جدالهما في موضوع كهذا ، وبعد هُنيهةٍ ألقى السلام مرة أخرى .
فقالا : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
فقال الشيخ حمشوش : ما بكما أيها الصديقان الحميمان تتجادلان ؟
حكى له محشوش القصة ، فقال الشيخ حمشوش : كلاكما على حق ، والموضوع بسيط ولا يستحق ما حصل بينكما .
قال حميس : أنا على حق والمشكلة ليست بسيطة .
قال الشيخ : ما رأيكما أن نسميه حمشوش ؟
قال حميس : فكرة رائعة ، لقد دمجت اسمينا وأصبحنا مركبًا مزجيًّا ، أنت ذكي أيها الصيْرفِيّ الضليع .
قال محشوش : أنا غير مقتنع بالتسمية الجديدة .
قال الشيخ : لماذا أنت غير مقتنع ؟
قال محشوش : لقد بدأت بأول حرفين من اسمه ثم أخرتني ، ومن المفروض أنا الأول ؛ لأني بداية عمل المحشوش .
قال الشيخ : أتريد أن يكون الاسم محميس ؟
إنه غير مستساغ وغير مقبول .
ثم همس الشيخ حمشوش في أذن محشوش وقال له : في الكلمة حرفين من اسمه وأنت لك فيها ثلاثة أحرف ، أنت الرابح والغالب .
ابتسم محشوش وقال :
شكرًا يا شيخ حمشوش ، أنت نحريرٌ ونطيس ، أنت معزوم عندنا على قدر حمشوش .
ضحك الشيخ وقال : أنتما لم تضيِّفاني ؛ لأن القدر ملكي !
ضحك محشوش وحميس وقالا :
نحنُ الضيفانِ وأنتَ ربُّ الحمششِ .
تأليف : مهدي جدُّه حكمي