كيف تصنع هويتك؟
هو السـؤال الذي يعد مفتاحا لمعرفة شـخصيتك، وما تمثله من أفكار، وما تؤمن به من مبادئ، وبالتالي أنت من يحدد المستوى الذي ينبغي أن يتعامل الغير معك فيه.
فمثـلا لا يمكن أن تجد - إلا فـي حالات نادرة - في أول دخولك للمطارات التي هي واجهة الدول، مسـؤولي الجوازات بمظهر غير لائـق، فلن تجدهم بلباس رياضي، ولن تجد فريق العمل الواحد يرتدي ملابس مختلفة في ألوانها أو تصاميمها، ومن باب أولى لن تجد منهم من يؤدي عمله وهو بلباس النوم. ما ستجده هو لباس وطني أنيق، أو رسمي منتظم وموحد (شكلًا، وتصميما)، كما ستجد الإتقان في التعامل، مستمدا من الثقافة الوطنية، إدراكا من الدول أن أول انطباع هو الانطباع الخالد. من هذا المنطلق يمكنني القول: إن المظهر العام هو أساس في تشكيل الهوية، وألفت اهتمامك إلى بعض المحاور التي ينبغي أن تأخذها بالاعتبار والعناية:
- حسن الوفادة والملـقـى الحـسن
سـواء كان ذلك اللقاء حقيقيًا، أو من خلال الاتصال أو الرسالة الإلكترونية أو غيرها. فما الذي ستخسر إذا قابلت أحدا بوجه طليق وكلام طيب؟! ألا تعلم أن هذا هو أهون البر كما قيل:
بني إن البر شيء هين
وجه طليق ولسان لين
ومع أن تطبيق ذلك هين، فإنك أيضا تؤجر عليه خيرا، ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: «تبسمك في وجه أخيك صدقة»
- المظهر واللباس الحسن في جميع الأحوال والمناسبات حتى المعتادة منها
ومن ذلك الاهتمام بالنظافة في كل الأوقات، فإن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسـنا ونعله حسنة، وليس ذلك من الكبر في شيء، وأيد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس». فهذا نص صريح صحيح على أن الله يحب الجمال، وكانت صورة الجمال في القصة ثوبا حسنًا، ونعاد حسنة. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يكره أن يرى مسلما بثياب متسخة، فعن جابر بن عبد الله قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى رجلا شعثا قد تفرق شعره فقال: «أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره؟»
- ومن أبسط مظاهر الحفاظ على هـوية العمل:
العناية بحالة الواتسـاب التي يفضل أن يكون عليها شـعار الإمارة المعتمد إن كان حساب الواتسـاب يستخدم لمعاملات ترتبط بشأن عام يخدم الناس، أما في الحسابات الشخصية فيتم تجنب أن يوضع في حالة الواتساب أي دعايات تجارية لأي جهة كشعارات الشركات أو البنوك، أو الصور التشاؤمية أو المثيرة للآخرين، أو التي تعطي انطباعا سلبيًا أيا كان كنهه.
ومـن المظهر الحسـن الالتزام بوضع بطاقة العمل الرسمية وهي بـارزة وواضحة ونظيفة في كل وقت، وبكل تأكيد يصحبها ابتسامة صادقة مملوءة بالتفاؤل تعلو المحيا.
- التمثيل الأحسن للإمارة فـي كل مكان :
هذا الذي ينبغي أن يكون منهجا لك، وتعتني به في كل حين، سواء عندما تكون متلبسا ثوب المسؤولية أثناء أداء المهام النبيلة، أو عندمـا تكون بين ذويـك وصحبك ، فتكون في كل أحوالك في سـمت الوقار والصـلاح، حرصا على ترك الأثـر الطيب والقدوة الصالحة، وهو ما دأب عليه أهل الصلاح والموفقون من المسلمين، ولذلك يقول الله تعالى على لسان نبيه إبراهيم عليه السلام: "واجعــل لي لسـان صدق في الآخرين" ، يقول ابـن كثير: "أي واجعل لي ذكرا جميلا بعدي أذكر بـه ويقتدى بي في الخير"، وقال مجاهد: "يعني ثناء الناس عليه، والترحم، وذكره بالخير دائما".
إن قمت بذلك "بإتقان" فستكون هويتك بارزة حقا، وستحدد المستوى الذي ينبغي أن يتعامل الغير معك فيه، وسـتؤدي خدمتك لبلدك بأرقى مسـتوى، وأي خدمة نبيلة تلك!، وتنال الأجر السماوي من خالق الكون جل شأنه، والتقدير من ولاة الأمر في الدنيا، ومن الناس الذكر الطيب والثناء العطر في كل المواطن.
بقلم : صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز