الإنسانُ والشَّيطانُ مِحورانِ أساسيَّانِ في هَذهِ الحياةِ ، حياةُ جمعُ الضِّدَّيْنِ ، التي تجمعُ بين الحقِّ والباطلِ ، بين الخيرِ والشرِّ ، بين الإصلاحِ والإفسادِ ، بين العدلِ والظلمِ ، بين الفوزِ والخسارةِ ، بين الهُدى والضلالِ ، بين النورِ والظلمةِ ، بين الحياةِ والموتِ ، حياةٌ تدلُّ على الفناءِ لا البقاءِ .
وقد قَدَّمْتُ الإنسانَ على الشيطانِ في موضوعي ؛ لأنَّ الإنسانَ أداةُ بناءٍ ، والشيطانُ أداةُ هدمٍ ، الإنسانُ خُلِقَ من طينٍ لازب ، مصدرُ الإنباتِ والنماءِ والخيرات ، والشيطانُ خُلِقَ من نارِ السمومِ ، مصدرُ الإبادةِ والأذى والضرر ، الإنسانُ خُلِقَ من الأرضِ وللأرضِ ؛ ليعمُرَها ، والشيطانُ منفيٌّ إلى الأرضِ ؛ لِتقْويضِها ، الإنسانُ عزيزٌ مكرَّمٌ خلقَهُ اللهُ في أحسنِ صورةٍ ، والشيطانُ ملعونٌ شقيٌّ نتخيَّلُهُ في أبشعِ صورةٍ .
* متى تنتهي المعارك والصراعات بين الإنسان والشيطان ؟
قضيَّةُ الإنسانِ مع الشيطانِ قضيةٌ تليدةٌ أمديَّةٌ ، والمعاركُ والحروبُ والصراعاتُ مستمرةٌ ما دامت تشرقُ شمسُ الدنيا من مستقرِّها ، وسينتهي فصلُها يومَ الفصلِ ، يومَ الحسابِ ، يومَ تبيضُّ وجوهٌ وتسوَدُّ وجُوه ، يومَ لا ينفعُ الظالمينَ معذِرَتُهُم ولَهُم اللَّعنةُ ولَهُم سوءُ الدَّار .
* لماذا خلق الله الإنسان ؟
خلقَ اللهُ الإنسانَ ؛ لعبادتهِ سبحانُهُ وتعالى - الغنيُّ عنها - وطاعتهِ وتوحيدِهِ .
قالَ اللهُ تعالَى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون (٥٦) سورة الذاريات
وخلقَ اللهُ سبحانَهُ وتعالى الإنسانَ ؛ ليعمُرَ الأرضَ وليكونَ خليفةً فيها .
قالَ اللهٌ تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ... (٣٠) سورة البقرة
* لماذا خلق الله الشيطان ؟
خلقَ اللهُ سبحانَهُ وتعالى إبليسَ لحكمةٍ يُريدُها ، فهو الخالقُ المُدبِّرُ الذي بيدِهِ مقاليدُ السماواتِ والأرضِ ، الذي لهُ الخلقُ والأمرُ ، الذي لا يُعجزهُ شيء ..
فخلقَ اللُه الشياطينَ في مقابلِ خلقِ الملائكةِ ، وخلقَ الجنةَ في مقابلِ النَّارِ ، وخلقَ الحياةَ في مقابلِ الموتِ ، وخلقَ الإنسانَ في مقابلِ الحيوانِ ، وخلق الذَّكرَ في مقابلِ الأُنثى ، وهكذا .. فقد أوجدَ اللهُ المتبايناتِ والمتضاداتِ ؛ لِيُظهِرَ قدرتَهُ وملكوته سبحانَهُ وتعالى ، وبأنَّهُ على كلِّ شيءٍ قدير .
وقد خلقَ اللهُ الشيطانَ وجعلَهُ عدوًّا للإنسانِ ؛ ليختبرَ البشرَ الذي وهبَ لهم العقولَ المُفَكِّرةَ التي تُميِّزُ بينَ الصوابِ والخطأ ، بين الحقيقةِ والخداعِ ، بين الصدقِ والكذبِ ، ومنحَهُم القدراتِ العقلية التي تفوقُ قدراتِ غيرِهم من المخلوقاتِ .
ومن هذا الاختبارِ يُعْرَفُ الذي يتبعه ومن لا يتبعه ، يُعرفُ المؤمنُ القويُّ والمؤمنُ الضعيفُ ، يعرف المخلصُ والأفَّاك ، يعرف المُذْعِنُ والعاصي .. فيجازي كلَّ فردٍ على عملهِ في الدنيا وفي الآخرةِ .
* لماذا الشيطان ملازم للإنسان ؟
من حكمتِهِ سبحانهُ وتعالى أنْ جعلَ مع كلِّ إنسانٍ شيطانٍ ملازمٌ له يُسمَّى (قرين) أي (صاحب) ، وهذا القرينُ لا يُفارقُهُ أبدًا ، فهو موجودٌ معه من وقتِ ولادتِه إلى أنْ يموتَ ، ولا يُمكنُ أنْ يتركَهُ أو يَمَلَّ مِنهُ ، فهو مُلازمٌ ومُتابِعٌ لَهُ ، لا يغفلُ عنهُ لحظةً واحدةً ، يُوسوسُ له ويُحرِّضُهُ ويدفعُهُ إلى المعاصي والآثامِ والرذائلِ وقبيحِ الأعمالِ .
فَعنْ عبدِاللهِ بن مسعودٍ رضيَ اللهُ عنهُ ، قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( ما مِنكُم مِنْ أحدٍ ، إلَّا وقدْ وُكِّلَ بِه قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ ، قالوا : وإيَّاكَ يا رَسولَ اللهِ ؟ قالَ : وإيَّايَ ، إلَّا أنَّ اللهَ أعانَنِي عليهِ فأسْلَمَ ، فلا يَأْمُرُنِي إلَّا بخيْرٍ ) . حديث صحيح رواه مسلم
والشيطانُ ملازمٌ للإنسانِ ؛ لكي ينتقمَ منهُ ويغويهِ ؛ لأنه سببَ زلَّتِه في الخطأِ الذي لا يُغفَرُ ، والسببُ في طردِهِ ولعنهِ وإهانتهِ ، وسببُ وقوعِهِ في معصيةِ اللهِ وغضبِهِ ودركاتِ جهنم .
* أيهما أقوى الإنسان أم الشيطان ؟
لقد أمدَّ اللهُ الإنسانَ بالأسلحةِ الفتَّاكةِ المُتنوِّعةِ التي تُدمِّرُ الشيطانَ وتدحرَهُ وتجعلُهُ صغيرًا حقيرًا ؛ لأنه يستحقُّ ذلك ، فهو قويٌّ في أشياءٍ أخرى ، لكنَّ كيدَهُ ضعيفٌ مع المؤمنِ المستقيمِ ، قالَ اللهُ تعالى : ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (٧٦) سورة النساء
الشيطانُ لا يستطيعُ أنْ يضرَّ المؤمنَ المخلصَ الذي يخافُ اللهَ ، الذي يحافظُ على أداءِ الواجباتِ ، الذي لا يتعدَّى حدودَ اللهِ ، الذي لا يظلمُ أو يحسدُ أو يحقدُ ، الذي يحبُّ لإخوتِهِ كما يحبُّ لنفسِهِ .
ويكفي المؤمنُ التقيُّ المخلصُ الصابرُ أنَّ اللهَ معهُ في كلِّ وقتٍ .
قالَ اللهُ تعالى : ( إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُون (١٢٨) سورة النحل
وقالَ اللهُ تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣) سورة البقرة
* كيف يحمي الإنسان نفسه من الشيطان ؟
لا يستطيعُ الإنسانُ أنْ يحمي نفسَهُ مِنَ الشيطانِ إلا بشرطَيْ الإسلامِ والإيمانِ ، فإنْ كانَ غيرُ مسلمٍ فلا يستطيعُ حمايةَ نفسِهِ مِن أذى الشياطينِ ؛ لأنَّ الحفظَ والحمايةَ والوقايةَ خاصَّةٌ بالمسلمينَ .
* وهُناكَ أفعالٌ وأقوالٌ معلومةٌ يستطيعُ كلُّ مسلمٍ أنْ يقومَ بِها ؛ لكيْ تحفظَهُ وتحمِيَهُ وتُحصِّنَهُ سأذكرُ بعضًا منها :
▪︎المحافظةُ على أداءِ الصلواتِ الخمسِ في أوقاتِها للنساءِ والعاجزينَ في البيوتِ ، وللرجالِ القادرينَ في المساجدِ ، وهي الحصنُ الحصينُ لكلِّ مسلمٍ ومسلمةٍ .
▪︎الالتزامُ بأذكارِ الصباحِ بعدَ صلاةِ الفجرِ ، وأذكارِ المساءِ بعد صلاةِ العصرِ يوميًّا .
▪︎المداومةُ على قراءةِ القرآنِ بشكلٍ يوميٍّ ، ولا يُشترطُ أنْ تكونَ القراءةُ مِنَ المصحفِ مباشرةً ، فسيتطيعُ المسلمُ أنْ يقرأَ ممَّا يحفظُ من الآياتِ والسورِ ، أوِ القراءةِ مِنَ الجوّالِ وهو متاحٌ ومتيسِّرٌ للجميعِ .
وإنْ كانَ أُمِيًّا لا يعرفُ القراءةَ ، فإنَّ وسائلَ الاستماعِ لتلاواتِ القرآنِ المجودةِ متوفرةٌ والحمدُ للهِ .
فقراءةُ القرآنِ وترتيلهِ بخشوعٍ غذاءٌ للروحِ ، وأمانٌ وطمأنينةٌ للقلبِ ، وسكونٌ وراحةٌ للنفسِ ، ومن اطمأنَّ قلبهُ فقد فرَّتْ منهُ الشياطينُ ؛ لأنّها سببُ الجزعِ والاضطرابِ والقلقِ والحزنِ ..
قالَ اللهُ تعالى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨) سورة الرعد
▪︎قولُ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ ، لَهُ الملكُ ولهُ الحمدُ ، وهوَ على كلِّ شيءٍ قدير ، في اليومِ مائةُ مرةٍ .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، فِي يَوْمٍ مِائة مَرَّةٍ ؛ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ ، وَكُتِبَ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ ، إِلَّا رَجُلٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْهُ ) . رواه البخارى ومسلم في صحيحهما
▪︎الاستعاذةُ باللهِ مِنَ الشيطانِ في كلِّ وقتٍ تُحسُّ بوسوستِهِ ، قالَ اللهُ تعالى : ( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ باللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦) سورة فصلت .
▪︎الاستعاذةُ مِنَ الشَّيطانِ عندَ الدخولِ إلى المسجدِ ، وقبلَ قراءةِ الفاتحةِ في الصلواتِ ، وعند الخروجِ من المنزلِ ، وعند دخولِ الحمَّامِ ، وعند الغضبِ ، وعند التثاؤبِ ، وقبلَ النومِ ، وعند الفزعِ من النومِ ، وعند النظرِ المُحرَّمِ ، وبعدَ الرُّؤيا أو الأحلامِ المزعجةِ أو المكروهةِ ، وعندَ سماعِ نُباحِ الكلابِ ، وعند نهيقِ الحميرِ ..
▪︎الإخلاصُ للهِ في كلِّ الأعمالِ الصالحةِ ، قالَ اللهُ تعالى : ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠) سورة الحجر
فالمخلصُ للهِ ، لن تستطيعَ الشياطينُ أنْ تغلبَهُ ..
▪︎التوكلُ على اللهِ في كلِّ وقتٍ ، عند الخروجِ من المنزلِ ، عند الذهابِ للعملِ أو السوقِ ، عند ركوبِ الدابَّةِ أو السيَّارةِ ، عند السَّفرِ ، عند العزمِ أوِ الإقدامِ على أمرٍ ..
قالَ اللهُ تعالى : ( إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) سورة النحل
▪︎عدمُ الميلِ واتباع الهوى ، فمنِ اتبعَ هواهُ فقد اتبعَ الشيطانَ ، ومَنِ اتبعَ الهوى والشيطانُ فقد ضلَّ وأضلَّ الطريقَ الصحيحَ ، قالَ اللهُ تعالى : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون (١٥٣) سورة الأنعام
▪︎تركُ المعاصي التي تغضبُ اللهُ عزَّ وجلَّ ، واجتنابُ الكبائرِ وعدمُ الإصرارِ على الصغائرِ ؛ لأنَّ الشيطانَ يتمكَّنُ مِنَ المسلمِ عندَ فعلِ المعاصي .
قالَ اللهُ تعالى : ( وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (٣٦) سورة الأحزاب
وقالَ عبدُ اللهِ بن عباسٍ رضيَ اللهُ عنهُما : ( لا كبيرةَ مع استغفارٍ ، ولا صغيرةَ مع إصرارٍ ) .
▪︎الاستغفارُ وما أدراكَ ما الاستغفارُ ، أمانٌ ووقايةٌ للمؤمنِ من الشُّرورِ والمصائبِ ، وهو سببٌ في البركاتِ والخيراتِ ، وهو شِفاءٌ لكثيرٍ من الأمراضِ الرُّوحيَّةِ والجسديةِ ، وسببٌ في النجاةِ من النَّارِ .
قالَ اللهُ تعالى : ( وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُون (٣٣) سورة الأنفال
▪︎التوبةُ الصادقةُ ، وهي مفتاحُ الفلاحِ والنجاحِ ، فالمؤمنُ التوَّابُ الأوَّابُ يجعلُ الشيطانَ يُعرِضُ ويُدبِرُ ويَيْأسُ ؛ لأنه إذا أخطأ نَدِمَ واستغفرَ وتابَ وعزمَ على عدمِ العودةِ .
والتوَّابونَ مِن أحبابِ اللهِ ، قالَ اللهُ تعالى : ( إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين (٢٢٢) سورة البقرة
فمن أحبَّهُ اللهُ حفِظَهُ وحرسَهُ وحماهُ ورعاهُ ، فعن قتادةَ بنِ النُّعمانِ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ : قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( إذا أحبَّ اللهُ عبدًا حماهُ الدُّنيا ، كما يَظَلُّ أحدُكم يحمي سقيمَه الماء ) رواه الترمذي في صحيحه
* فليحذرْ كلُّ مسلمٍ كلُّ الحذرِ مِن كلِّ شيطانٍ ، سواءٌ أكانَ من شياطينِ الجنِّ أو من شياطينِ الإنسِ ، فشيطانُ الإنسِ قد يكونُ أخطرَ من شيطانِ الجنِّ ؛ لأنه قد جمعَ بين شيطانيْنِ ؛ فقرينُه داعِمٌ مويّدٌ ومناصرٌ له ، فهما متعاونانِ ظاهرًا وباطنًا .
فيجبُ علينا جميعًا مخالفةُ الشياطينِ وعدمُ اتباعها أو الخضوعِ والانقيادِ لها ، فهي تُزيِّنُ لنا المعاصي وكلُّ ما يغضبُ اللهُ من الأقوالِ والأفعالِ .
قالَ اللهُ تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ... (٢١) سورة النور
فمن يتبعْ خطواتِ الشيطانِ السرابيَّةِ ، فإنه بلا شكٍّ سيندمُ في حين لا ينفعُ الندمُ ، يومَ يقولُ الشَّيطانُ لَمَّا قُضِيَ الأمرُ : إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم من سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ..
واحذروا مِنَ الخللِ في العقيدةِ ، فهو مدخلٌ خطيرٌ من مداخلِ الشيطانِ ، فنجدُ أنَّ هناك مَن يؤيِّدُ أو ينحرفُ بإحداثِ البدعِ والخوضِ في الشُّبهاتِ ، فتراهُ يجادلُ ويُفتي ويفسِّرُ بغيرٍ علمٍ ، ويحاول إقناعَ الآخرينَ ، ورُبَّما سحبَ وأثَّر في غيرِه .
عن عبدِ اللهِ بن عمرٍو بن العاصِ رضيَ اللهُ عنهما قال : قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : ( إنَّ اللهَ لا يقبضُ العلمَ انتزاعًا ينتزعُهُ مِنَ العبادِ ، ولكن يقبضُ العلمَ بقبضِ العلماءِ حتَّى إذا لم يُبْقِ عالمًا اتَّخذَ الناسُ رؤوسًا جُهَّالاً ، فسُئِلوا فأفتوا بغيرِ علمٍ ، فضلُّوا وأضلُّوا ) متفق عليه
وقد باتَ هذا البابُ مفتوحًا ومُتفشيًا في مجتمعاتِنا بصورةٍ واضحةٍ ، وقد روَّجَه ودعمَهُ بعضُ ضعافِ الإيمانِ ، الذينَ يتجاهلونَ القيمَ والمبادئَ الإسلاميةِ ، فالعقيدةُ السليمةُ أمنٌ وأمانٌ ، وراحةْ واطمئنانٌ ، وفوزٌ بالجنانِ .
* وأخيرًا ، احفَظِ اللهَ يحفَظْكَ ، احفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجاهَكَ ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللهِ ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعتْ علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللهُ لَكَ ، وإن اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللهُ عليكَ ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحفُ .
* المرجع :
- موقع الدرر السنية .
بقلم أ. مهدي جدُّه حكمي
التعليقات 4
4 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
عبده حكمي
2021-11-05 في 11:24 م[3] رابط التعليق
ماشاءالله تبارك الله مبدع دائما يافارس اللغة العربية ابا مالك
أبو مالك
2021-11-07 في 7:45 ص[3] رابط التعليق
أشكرك أخي الفاضل أبا فيصل
وفقك الله وأسعدك
أبو فيصل الحكمي
2021-11-06 في 1:58 ص[3] رابط التعليق
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
نسأل الله لنا ولكم حسن الخاتمة
أبو مالك
2021-11-07 في 7:46 ص[3] رابط التعليق
أشكرك أخي الفاضل أبا فيصل
وفقك الله وأسعدك