أطلقت جمعية البر بجدة خطتها الاستراتيجية للأعوام 2024-2027م، برؤية تستهدف الريادة في صناعة الأثر وتحقيق الاستدامة، حاملة شعار "بر دائم وأثر مستدام"، بما يجسد رسالتها في "تقديم مبادرات تنموية مبتكرة ومستدامة في صناعة الأثر للفئات المستفيدة من الأسر والأيتام والمرضى والمجتمع وفق أفضل الممارسات المؤسسية".
لقد جاءت هذه الخطة متكاملة مع الدور الاجتماعي الفاعل الذي تلعبه الجمعية لتواكب من خلاله التغييرات في العمل الخيري، وتساهم في تعميق مفهوم المساهمة المجتمعية الفاعلة والارتقاء بآليات العمل وصولاً الى تحقيق التميز وضمان الجودة، بما يساهم في تقديم نموذج للعمل الاجتماعي الشامل الذي يعزز روافد صناعة جودة الحياة والارتقاء بالأنماط المعيشية للمستفيدين من خلال تهيئة البيئة الملائمة لذلك وفق برنامج جودة الحياة، أحد برامج رؤية المملكة 2030.
ولعل ما يلفت النظر في هذه الخطة الريادية هو ما تضمنته من أهداف امتزجت بمدلولات الأنسنة المتناغمة مع مسارات التنمية، والمتكاملة مع العديد من برامج رؤية المملكة 2030، وهو ما نلمسه حين نستعرض محاور تلك الأهداف، الاجتماعي والتنموي والتطويري والصحي، التي استندت جميعها على أربعة أسس نوعية تدفع باتجاه الاستدامة والتطوير والأثر والتميز.
ولعلنا نتوقف مع هذه الأسس الأربعة التي تتناغم مع مسؤوليات اللجان المنبثقة من مجلس إدارة الجمعية والتي تسعى دوماً الى دعم أداء المجلس لمسؤولياته المختلفة وتحقيق أهدافه، وفق لوائح وسياسات الحوكمة المعتمدة من المجلس التي تحدد صلاحياتها.
وقد جاء من بين هذه اللجان، اللجنة الإشرافية الخاصة بالإشراف على دور الضيافة التابعة للجمعية والتي تتماشى مع أهداف الجمعية منطلقة من هذه الأسس الأربعة لتحقيق أهدافها.
هذه اللجنة تناقش أوضاع أبناء الجمعية الأيتام من الجنسين القاطنين في دور الضيافة والمستقلين أو المنقولين الى جمعيات أخرى، مع إحالة توصياتها الى المجلس بهدف إثراء حزمة البرامج المقدمة للأبناء والتي تستهدف بناء منظومة متكاملة تساهم في بناء شخصية اليتيم من خلال دمجه مجتمعياً واحتضان مواهبه وقدراته، وتقديم الرعاية الشاملة له وتحفيزه على المشاركة الفاعلة في الحراك التنموي، والمساهمة بفاعلية في تمكينه ورسم ملامح مستقبله وصولاً الى تحقيق جودة الحياة لهذه الفئات، والكشف عن تميزها وأثرها الملموس في المسيرة التنموية، وهو ما يجسد الأسس الأربعة التي قامت عليها الخطة الاستراتيجية للجمعية في: "الاستدامة والتميز والأثر والتطوير".
لقد آوت جمعية البر بجدة ما يزيد عن 1100 يتيم ويتيمة في دور الضيافة التابعة لها والتي أنفقت عليها الجمعية ما يقارب 369.7 مليون ريال، في ظل ثراء البرامج المقدمة للأيتام على أيدي متخصصين، والتي تشمل الرعاية التعليمية والتثقيفية والصحية والنفسية والترفيهية والرياضية والاجتماعية بما يفضي الى تمكين هذه الفئات العزيزة ليكونوا أعضاء مؤثرين في مجتمعهم.
ولعل حديث الأرقام يجسد فاعلية الخطط التي وضعها المجلس لدور الضيافة، حيث بلغ عدد الأبناء الحاصلين على درجات علمية عليا 192 ابناً وابنة، وعدد الذين تم توظيفهم منهم في مناصب قيادية في شركات كبرى 104، والمستقلين 65، ومَنْ تم تمكينهم منهم لامتلاك سكن 40 ابناً وابنة، والمبتعثين 29، إضافة الى إحصاءات من تزوجوا منهم، حيث تجاوزت أعدادهم 110 من الأبناء والبنات.
وأمام هذا الطيف الرقمي الفريد لدور الضيافة: دار الشربتلي، وضيافة الصفا، وشقق رجال المستقبل، ما زالت أمامنا الكثير من الطموحات المحلقة في آفاق الخطة الاستراتيجية الجديدة، التي تم إطلاقها، والتي تتطلع كافة الإدارات بشغف وحماس لتحقيق أهدافها الاستراتيجية عبر حزمة من الأهداف التنفيذية ومؤشرات لقياس الأداء بما يؤكد الدور الفاعل للقطاع غير الربحي كواحد من القطاعات الواعدة التي تساهم في دفع عجلة النمو وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
بقلم: م. سمير بن أحمد القرشي *
*عضو مجلس إدارة جمعية البر بجدة، رئيس اللجنة الإشرافية