مفهومان يتشابهان في القافية و يختلفان كلياً في المعنى و المضمون، خلقنا الله عز و جل و جعل مصالحنا و احتياجاتنا موزعة بين الخلق و كل انسان يسعى للحصول على مراده من الاخر سواء كانت حاجة مادية أو معنوية او محاولة التأثير في الآخرين لتغيير معتقد أو فكرة، هناك من يسعى للحصول على ذلك بالإجبار و القوة و احياناً بالسلطة وهذا ما يسمى بالإخضاع.
و في الجانب الأخر من يحاول الحصول على حاجته بجعل الأخر يمنحه اياها بكل قبول و رضا و ذلك لأنه استخدم عملية الإقناع فقام الشخص بتغيير رأيه او قناعته بإرادته بعدما قُدِّمت له الأدلة و البراهين التي قام بإستيعابها و الإيمان بها.
نرى في مجتمعاتنا من يحاول ممارسة الإجبار لتغير آرائنا او معتقداتنا في بعض الأمور بدون تقديم أدلة واقعية تتناسب مع عقولنا و من الطبيعي أن الإنسان لن يقوم بتغيير رأيه حتى يقتنع بالرأي الأخر و تلك العملية تكاد تكون أصعب العمليات الفكرية فيحتاج صاحب الفكرة بالبداية أن يقوم ببعض التحاليل الفكرية و معرفة فصيلة تفكير الشخص الذي أمامه و من ثم معرفة طريقة محاكاته، و بعد ذلك يقوم بالبدء بالعملية الجراحية و التي تتطلب منه بتر و استئصال الفكرة القديمة و زرع الفكرة الجديدة داخل عقلية المتلقي مع الانتباه و الحرص أن اي خطأ في تلك العملية سوف يفسدها.
ممارسة عملية الإخضاع لن تبدي أي جدوى حتى لو تم الانصياع لطلبك و تم تلبية مرادك؛ طالما أن الشخص يقوم بها من غير اقتناع، احياناً نمارس تلك العملية على أبنائنا و نأمرهم بفعل ذلك و ترك ذاك مستندين على سلطتنا عليهم و يقوم الابن بالتنفيذ بدون قناعة و ذلك في قمة الخطورة لأنه عندما يشعر بعدم مراقبته من قبل صاحب السلطة سيقوم حتماً بتنفيذ ما هو مؤمن و مقتنع به.
و هذا ينطبق ايضاً على الرؤساء مع مرؤسيهم ابداء الأوامر و اخضاع الموظفين للعمل بتلك الأوامر ايضاً لن يكون ذات فائدة اذا لم تتم عملية الاقناع و ايصال الفكرة لهم والشرح لماذا علينا فعل هذا و الامتناع عن ذاك حتى يعمل الموظف و ينفذ و هو على قناعة بما يقوم به. لذلك علينا الحرص بإقناعهم و ليس إخضاعهم.
بقلم : عمر عماد طيب