يحكي لنا الكاتب (راسل مور) مؤلف كتاب (الانخراط في الثقافة دون فقدان الإنجيل) في أحد مقالاته عن قصة أب عندما رأى ابنه الصغير يبكي فقال له: إن البكاء للبنات فقط؛ ظنًا منه أن هذا هو الحل الصحيح ، فعندما تعرض ابنه لموقف آخر في أرضية الملعب تجنب الطفل البكاء عبر تحويله إلى غضب صبه على صديقه؛ فأيقن الأب حينها أنه حل مشكلة ابنه بمشكلة أكبر منها، واستدل راسل في مقاله ببعض ما ورد في الإنجيل من آيات التسامح والتعامل مع الغضب، وأشار إلى أن الغضب لا يمكن أن يكون علامة على قوة الشخصية أو السلطة، ونصح بالبحث عن الحلول السلمية للتعامل مع لحظات الغضب والظلم والحزن التي يمر بها الشخص في بعض الأحيان.
أما منهج ديننا الحنيف في التعامل مع الغضب يكون بالتعلق بالله سبحانه وتعالى والرضا بأقدار الله والصبر عليها، وتجنب التسخط و الغضب بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، كما في قوله تعالى: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)، وفي قوله تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ )، وفي قوله تعالى ايضا : (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )، فهذه الآيات هي حلول شافية كافية لتجنب الحزن والغضب، حيث أن السجود لله عز وجل، الصلاة، الصدقة، والوضوء أيضا من الحلول التي تبعث في النفس الطمأنينة و تساعد الانسان؛ ليتجاوز ما قد يلمُّ به من مشكلات الحياة، ويشتكي لله وحده ويرتجي منه المساعدة دون غيره .
فالشائع الآن توجه البعض إلى التنفيس عما يخالجه من مشاعر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كحالات الواتس آب أو تويتر و غيرها، فتراه يتنقل بين حالة حزن وحالة غضب وحالة سب وشتم، ويسب هذا في تويتر ويعلق على هذا بسخرية في انستقرام، دون مبالاة لما ينتج عن ذلك من الإثم، وكشف خصوصياته أمام الجميع، فإما عدو شامت، أو مشفق ينظر بعين الشفقة، أو مستهزئ يتلذذ بصنع الفكاهة على جروح الاخرين.
عزيزي القارئ: لا تجعل أسرارك ومشاكلك وهمومك تتجاوز أسوار منزلك، ولا تسمح لمشاعرك بالسيطرة عليك، و منعك من متعة الحياة، تعلم التجاهل والتغافل وتجاوز الأزمات، فقد خُلقت لتعيش فترةً من الزمن ، فليس من المعقول أن تعيشها في تعاسة وحزن، استمتع بكل لحظات حياتك، وانشغل ببناء مستقبلك، ولا تسمح لأي شيء أن يعكر صفوك، اصنع سعادتك بنفسك ودمت بود.
بقلم : عايد عوض المالكي