نُمسي ونُصبح ، ونفشل وننجح، ونفرح ونترح، ونخسر ونربح وتتوالى الأضداد، لتُبيّن لنا عسر الحياة ويُسرها، وحلوها ومرها، وخيرها وشرها، فلا داعي للقلق؛ لأن الحال سينقلب، من عسر إلى يسر، ومن شدة إلى رخاء، فلولا وجود عكس المعنى، لما كان للمعنى معنى ولولا وجود العسر، لما كان لليسر معنى .
فجمال الحياة ولذتها في وجود هذه الأضداد، لأن التغيّر والتحول من حال إلى حال، سنة كونية، وفطرة ربانية، فلا تُحرم نفسك من الاستمتاع باللحظات الجميلة، فالحياة تتقلب وتتبدل، فاغتنم شبابك وأوقاتك الممتعة ، ولاتؤجل لحظات السعادة، فجمال الحياة في الاستمتاع بالموجود والمتاح، وعدم التعلق بالمفقود وغير المباح.
فدوام الحال من المحال، والأيام دول فيوم لك ،ويوم عليك، وقد قال الله تعالى في محكم التنزيل:(وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ...).
آل عمران.
وللشافعي أبيات في ذلك منها :
(لا حزنٌ يدوم ولا سرورٌ*** ولا بؤسٌ عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوع ٍ*** فأنت ومالك الدنيا سواء)
ولنا فيمن حولنا من الشعوب كسوريا أسوة، فقد كانت تنعم بالخيرات، ويرتادها الجميع، ويقصدها السياح من كل أصقاع الأرض ، وكيف تبدل حالهم، وتهدمت دارهم، وتشرد عيالهم، فأسأله سبحانه أن ينصرهم ويثبّت أقدامهم.
ولاغرابة أن نسمع ونشاهد مثل هذه الأحداث، فالتاريخ مليء بمثل هذه الأحداث، التي غيرت حياة البشرية من حالٍ إلى حال، سواءً كانت على مستوى الأفراد، أو المجتمعات، فسنة الله تمضي على الجميع، وليس لنا إلا التسليم، والرضى والقبول، والتعايش، والقناعة بأن هذه الأضداد سبب في تغير وتبلور الكثير من الناس، والمجتمعات.
ولعنا نتفكر في حال الناس قبل كورونا، وبعد تفشيه وكيف كان أثره على العالم بأكمله، حيث بات الجميع يستشعر النعم التي كنا نتقلب فيها، وكيف تبدلت أحوال الناس، ورغم ماأحدثه من أضرار على البشرية ؛ إلا أن هناك بعض الإيجابيات التي تغيرت على إثرها الكثير من المفاهيم في التعامل مع الأزمات، وظهر لنا أساليب وطرق جديدة ومميزة، سهّلت لنا الكثير من الخدمات.
وفي الختام ينبغي علينا؛ أن نعلم أن الله ماأحزننا إلا ليبهجنا ويفرحنا، وماأخذ منا إلا ليعطينا، وماابتلانا إلا لأنه يحبنا، ويريد أن يمحصنا ويختبرنا، فالنحمد الله على كل حال.
بقلم
أ. علي عبدالله الشهري