كان على مقربة من الغِنى يوماًما ، وكادينتمي للطبقة المخملية ويعيش كماتعيش ، ولكن لجهله
بالتجارة وعروضهاوصفقاتها ، ولسوء حظه العاثر ،
لم يتسنّى له الظفر ، بشيئاً من تجارته تلك ،
ولأنه لم يقرأالمستقبل قراءة ماعنة وفاحصة ، ولم يحسب للقادم المجهول حساب ، فأكتفى بمقولة " عيش ليومك " ، معتبراًالأمس قدمضى ، واليوم حضر ، وغداًيجهله ، فضربه الفقرفي عقرداره ضربة موجعة ، وعصفت به ريح العوز ، وتداعت عليه الظروف وتكالبت ، من كل صوب ، ذلك الرجل الستيني ، اصابته " مخمصة " في خاصرته ، وظل يترنح ليلاً ، ويتلوى نهاراً ، بين زحمة افكاره وهواجيسه المتّقدة ، واوجاعه المشتعلة ، لايدري ماذايعبأُبحاله ، الذي نخره الهم وهدّقواه امام عينيه ، وليس بوسعه ومقدوره ، قضاء حوائج اهله السبعة وهوثامنهم وعائلهم الوحيد ، ولكل منهم طلباته وحاجته ، ناهيك عن الطعام والشراب والملبس ، ومستحقات المنزل والكهرباء والهواتف ، وكلهااصبحت مهمة وضرورية ولاغنى عنها ، ذلك الرجل اثقلت كاهله الديون ، وظل يحمل على عاتقه الأمانة : ابناءه وبناته وزوجته ونفسه ازمنة وعقود ، حتى اصابته الكهولة وانحنى ظهره بسبب لعنة الظروف ، التي حلّت عليه واهله ، وضربت بأنيابهافي جسده المُنهك ، وادمت قلبه وفؤاده ، وزرعت فيه الكآبة الحادة ، فأصبح يُقلّب كفيه ، ويتحسّر ويتكسّر ، لايملك من المال مثقال ذرة وهوزينة الحياة ، ذلك الرجل لم يعدكماكان يكافح وينافح للبقاءفي الحياة ، ولم يعديستطيع الخروج من بيته ، حتى لايراه دائناًاستدان منه ، فيقع في الحرج معه ، وربماكان محقاًفي توجّسه وخوفه من التعرض للأهانة والذل ، فتوارى عن الأنظارقسراً ، وقال في نفسه " نظِرة إلى ميسرة "، حتى يتغير الحال !، ذلك الرجل ضاقت به الوسيعة ، ونفذصبره وصك الأمل بابه بوجهه ، ودكت جدران بيته الحاجة ، ولم يعديحصل على قوت يومه ، وقدوصل به واهل بيته الفقروالقهرإلى اسفل الهاوية ، ولايدري ماالعمل ؟ وماذايفعل ؟ وكيف يعيش ؟ كل اصدقاءه ومجتمعه انفضّوامن حوله وتركوه وحيداًيتضوّر واهله جوعاً ، ذلك الرجل الفقير ، كل لحظة يولّي بوجهه شطرالقبلة ، ويدعو لعل الله يستجيب دعاءه ويفرج همّه ويقضي دينه ، وقبل وبعدكل صلاة يُحدّق بعيون الصبابة في السماء ، عساهاتستجيب لنظراته وعبراته فتمطرعليه بالرزق ، وهويعلم يقيناًبإن السماء لاتمطرذهباًولافضة !، ولكن لحاجة في نفس يعقوب ، كان ينظرويتمنى ويبكي ويتألم ولم يتغيرحاله ، بل زادكربه وحزنه وتعالى نحيبه ، ذلك الرجل هزمه العوز هزيمة قاسية وعنيفة وشلّ حركته وهوسقيم .
مزهر الشهري
التعليقات 1
1 pings
موس المجدوعي
2021-03-17 في 11:35 م[3] رابط التعليق
اشكر كاتب القصه فهي واقعيه في زمنا هذا وما اكثر الفقراء لو اتعدهم نسال الله العظيم الانكون في عوز ولا فقر يصل بنا إلى سؤال غيره جل شانه فهو المعطي والرازق بدون حساب ربنا هبلنا من لدنك رحمه انك انت الوهاب واخرو دعوانا أن الحمد لله رب العالمين