نسعد كثيرا ببعض المنشورات التي تصلنا بمعلومات قيمة متنوعة ومنها الفكاهات (والقفشات) الممتعة، ولكن امتلأت صفحاتنا بغير المفيد المكرر لمئات المرات لنفس المواضيع منقولا مكررا وباتت أيام السنه كلها تنقل النسخ واللصق والإرسال وكأنها تسجن نفسك بعيدا عن متعة الحلال ، فالأصل في حياة الإنسان وسلوكه ومنهجيته وتعامله الحياة كل مساحتها حلال مالم يتغشاها الحرام الذي يتناقض بما جاء بالقرآن بين الحلال الحرام، أما الأحاديث الخاصة بالحلال والحرام يجب التمحيص والتدقيق معها وتواردها وسلوك أصحابها ، والثقة بمن نقلها على أن تتفق مع العقيدة السمحاء دون تشديد وتنطع.
دعونا نرتاح شويه فقد باتت المنشورات لأيام العام كلها رسائل دينية منسوخة ومنقولة ومرسلة دون التأمل بها وبفائدتها، آخرها كان الإعلان عن آخر جمعة في هذا العام، طيب كل عام فيه أول جمعة وآخر جمعة، ولا يوجد عهد ووعد لما بعد آخر الجمعة في كل سنة إلا ماكتبه الله، ويستمر الدعاء والرجاء سواء آخر جمعة أو أول جمعة ، ومن ذا الذي لا يعرف انها آخر جمعة، أو كلمات مكررة، فمثلا.. الليلة ليلة الجمعة وأن غدا هو يوم الجمعة وكأن الناس نيام.
وتستمر صفحات جوالك تستقبل الكثير، فمثلا دون حصر، بقي على رمضان أشهر وأيام ، وغدا رمضان ، فماذا استفيد من هذه المعلومة؟؟ وفي العشر الأخيرة في رمضان نجد من يحدد بفكره الضيق وجهله أن الليلة هي ليلة القدر ويقوم بالتشويش على بعض الناس، وآخرون يعرقلون إجتهاد البعض أن البارحة كانت ليلة القدر، وهؤلاء مرجفون يمنعون بعض أمة محمد من الإجتهاد حتى آخر ليلة، ويستمر الحال بالنشر غدا آخر جمعة في رمضان ويتبعها أحاديث الستة أيام وكثير من الخزعبلات والجهالة تأتي من أناس ليس لهم من العلم إلا النسخ واللصق والإرسال مع تلك المنقولات المنسوخات الممسوخات، ويستمر النشر في شهر شوال غدا تبدأ الأشهر الحرم، وتليها منشورات عن العشرة من ذي الحجة، ويوم عرفة، والعام الجديد، والأيام البيض، وباتت السنة تمضى مثقلة برسائل ليس لها أول أو آخر، وكلها رسائل منسوخة.
وامتلأت الصفحات فأين المفر، ويرسلون المنقول بدون إسم صاحب المعلومة الأساسية ظنا منهم أن الآخرين لا يعرفون أن رسالته المنسوخة قد انتشرت بين آلاف الأمم من غيره وقبل نشره لها ، ويضيع إسم كاتب الرسالة الأساسية بسبب سرقة رسالته وحذف إسمه وإنعدام الأمانة الأدبية والجهل في توضيح أن الموضوع المرسل منقول حينما لايتم معرفة صاحب المعلومة الأساسية ، فبات الأمر بين تكرار الرسالة وكأنما المرسل الأخير ينسبها لنفسه، وبين إمتلاء الصفحات من رسالة لا تفيد بمضمونها متعللين بكلمات التذكير ، وبين مهمة الفرد انا موجود بالنسخ واللصق والإرسال، وبين تعبئة صفحات الآخرين وتمضي الأيام كلها بمثل هذه الرسائل وكأن ناسخها ومرسلها الأخير هو الوحيد الذي ينتظره الآخرون، ولو اخذ صاحب الرسالة الأساسي عن على كل ناقل لرسالته دولارا واحدا لأصبح مليونيرا، وهذا يذكرنا بالأمريكي الذي نشر قبل أعوام ادفع دولا وسوف ارسل لك كيف تصبح مليونيرا، وارسلت له الأمم مبالغ طائلة ، وانتظروا الرد، وجاءت إجابته للجميع اعملوا مثلما عملت انا.
مسكين صاحب معان الرسالة الأولى حُذف إسمه وسُرق رسم الكلمات، أما العم قوقل فلا بأس عليه، فقد قال في يومي يزورني آلآف الملايين من الناس ينهلون مما جاء صدقا وكذبا وتسويفا وتدليسا، وفبركة، وتعاليم دينية ودنيوية ومالية وإقتصادية وإجتماعية وأسرية وطبية والجنس الثالث، وطرق الدعارة، وكيف تصنع قنبلة، وكيف تحرض، وكيف تغيّر مسارات الفكر، ومع كل زيارة يكسب بطريقته دون أن يدفع الزائر، فأريحونا من أيام السنة كلها بعض شهور ، ولنكتب عن كيف نجد حلولا للحمة المجتمع والأسرة في صفاء ومحبة، أو ننقل للقيادة ما نعاني منه عن الأسعار التي باتت تقصم جيوب وتفكير وقلق السواد الأعظم وليس بيد الوزراء والمسؤولين ما يقدمونه للتخفيف عن المواطن، وهذا أكبر فائدة للجميع، وأخيرا نذكركم أن غدا يوم الأحد ناموا مبكرين والحمد لله لن نستلم شيئا منسوخا أو منقولا ليصبح مرسولا.
بقلم
أ. طلال عبدالمحسن النزهة