المقولات المشهورة تؤثر في التفكير وتسهم في التوجيه العام وتعمل في برمجة العقل الجمعي وبرغم أهميتها إلا أنها قد تصنع تفكيرا مشوشا وهشا لا يسنده الواقع .
حياة الأفراد التي تقوم على مجرد اللذة والمتعة والشغف حياة ناقصة ، لأن الشغف لا يمكن تحقيقه في كل الأعمال ولو اشترطنا الشغف في كل عمل لبقي الناس معطلون فالحياة الكريمة والنبيلة لا تقوم على الشغف وحده ، بل تقوم على العمل الجاد والبناء والصبر و تحقيق الأهداف النبيلة والسامية للفرد والمجتمع .
في مجتمعات مختلفة ترى أمثلة لمتأثرين بفكرة الشغف و اهمال العمل الذي لا يتوافق مع المتعة والشغف ، ومع أن هذه النماذج قد تكون نادرة لكنها موجودة عطلت نفسها عن طلب الفضل والخير والأجر .
فقد تجد عاملا أو موظفا بلا انتاج ولا انجاز يذكر تجده ملولا لا ينفع ولا يشفع ولا يقدم ولا يؤخر فهو يمل من حمل ورقة من مكتب إلى آخر ، أو جالسا ساعات طويلة في ألعاب قاتلة للوقت والعقل والعمر ، تاركا العمل الحقيقي وراضيا بالقلة مستمتعا بالدون من الانجاز بدعوى " الشغف "
حين يحيل الفرد وقت المتعة من أوقات قصيرة ترويحية إلى أن يجعلها في بؤرة الشعور بدعوى الشغف ويقوم بالتركيز عليها ويمضي فيها الساعات باعتبارها طموح وأمل تاركا العمل الجاد هنا يصنع من الخمول والتكاسل عادة مدمرة لأنها في نهاية المطاف تحيله إلى الفقر والحاجة وهي استجابة لرغبات وغرائز جامحة الأولى بها التنظيم والتحجيم والردع والالتفات إلى الأعمال الجادة .
إن الفرد الكفء الناجح لا ينظر إلى الشغف كثيرا فهو تحصيل حاصل إن وجد فهو جميل وإن فقد جعل العلم و العمل والانتاج والابتكار والإبداع في بؤرة الشعور فيحوله إلى شغف يعين على القيام بالأعمال وتحقيق مصالح الفرد والمجتمع والاسهام في تقديم الخدمات الإنسانية وخدمة الوطن
.
أما الحياة القائمة على التفكير الواهم بمطاردة اللذة والمتعة والشغف فهي حياة قائمة على مطاردة السراب ، وسبب من أسباب الفقر . وهو تفكير لا يغني ولا يسمن من جوع ولا ينبغي أن يكون معيارا في قبول الأعمال أو رفضها أو سببا في التهاون في أداء الواجبات المهنية المختلفة .