كورونا ..والتعليم عن بعد قفزة نوعية وكمية في الكيفية من الانتقال من تعليم إلى تعليم في زمن قياسي وتعامل احترافي.
و من المؤكد أن الانتقال من حالة إلى حالة أو من نظام إلى آخر يواجه تحديات ومعه تظهر المشكلات خاصة إذا ما حدث ذلك بسرعة كبيرة كما حدث معا بسبب وباء كرونا.
وكما هو معلوم أن التعلم عن بعد أحد طرق التعلم وله ما له من ايجابيات وعليه ما عليه، ولكن في مثل هذه الظروف يكون خيارا مثاليا و استراتيجيا ويمكن تطبيقه بشكل فاعل والاستفادة منه بشكل كبير لضمان استمرار عملية التعلم مع مراعاة عدت اعتبارات أهمها البنية التحتية الأساسية من الأجهزة والشبكات ونظم التعلم والتقويم والتطبيقات اللازمة والضرورية والمناسبة للمرحلة العمرية للمتعلم وابعادها التعليمية العلمية والتربوية، والخيارات المتاحة لتعلم والمؤثرات الجانبية لتقديم مادة علمية مبسطة مفيدة تفاعلية وجاذبة متزامنة وغير متزامنة مع مراعاتها جوانب الأمن والسلامة والدقة والسرعة المناسبة وصحة المعلومة واستخدام قنوات التبادل المعرفي والمتابعة بين المعلم والمتعلم.
وهنا يمكن الجزم بوجود فوارق أساسية بين التعلم المباشر والتعلم عن بعد يجب ان يلم بها المعلم ويدركها المتعلم في الشكل والمحتوى والمضمون والطريقة والكيفية، فأساليب القياس والتقويم تختلف حيث يمكن اختبار المتعلم لقياس مدى تقدمه ببدائل مختلفة، فالتعلم عن بعد يركز أساسًا على إتاحة التعلم واستمراريته للجميع، وتحميل المتعلم مسؤولية تعليم نفسه، وتحديد مدى تقدمه ومساعدته على التقدم.
ويمكن قياس تقدم مجموعات من المتعلمين من خلال تقديمهم مشاريع يظهر فيها جهد المتعلم أو منجزات تظهر مدى تقدم المتعلم بحيث يسجلها المتعلم ويرسلها للمعلم او من خلال بث مباشر .
ويمكن تشكيل وحدات تدريسية بحيث لايمكن الانتقال إلى الوحدة التالية إلا بعد إنجاز الوحدة السابقة وكل ذلك لضمان حدوث التعلم، وترك أثر العملية التعليمة عن طريق خلق وعي كامل لدى المتعلم بأهمية العلم واكتساب العلوم والمعارف.
مع العلم بأن الاستجابة متباينة بين المتعلمين في الدافعية والرغبة ومدى التقبل والالتزام والاهتمام والحرص، وكل ذلك لا يمكن أن يكون بشكل سريع خصوصا في التعليم العام والأعداد الكبيرة ووجود فوراق كبيرة بين الأعمار من رياض الاطفال والمرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية، إضافة إلى وجود فروقات فردية وكذلك البنية التحية الأسرية والمجتمعية والمناطقية من حيث مقدار الوعي والمستوى المعرفي والإلمام بالتقنية وما يخص التعلم عن بعد إضافة إلى خدمات الاتصالات وقوة الشبكات ومزودي الخدمات التقنية،
ولكل ذلك فان النجاحات لكل هذه التحديات تشكل تجربة فريدة وخطوة جبارة نحو تعلم أكثر جودة وأكثر أثر يراعي تفرد التجربة وحداثتها وسرعة التغيير والتغيير والتحديات والحالة العامة والخاصة للمتعلم والأسرة والمجتمع.
إن نجاح هذه التجربة واستثمارها يحتاج إلى تقويم وحوافز ومعالجة جوانب القصور الظاهرة وإضافة وتعديل والتوجه بها إلى رؤية التعليم كمنتج حقيقي نموذجي مجرب ومحكم وسيكون أحد أهم خيارات التعلم الرسمية المتاحة على أن يؤسس لشراكة استراتيجية حقيقية بين المدرسة والبيت كبيئات تعلم افتراضية بحيث توفر الحد الأدنى من متطلبات التعلم عن بعد، وتوفر الدعم الفني واللوجستي لتوفير بيئات تعلم افتراضية جاذبة وآمنة تحقق غايات التعليم وأهدافه، يكون للمعلم والمتعلم دور أساسي من خلال قنوات رسمية عبر منصات تعلم أو قنوات تعليمية او بوابات معرفية ، فالمتعلم يطلع ويبحث ويشارك بفاعلية، والمعلم موجه ومتابع ومساعد من خلال أدوات تفاعلية متزامنة وغير متزامنة تركز على النوع وليس الكم حيث تتناغم المدرسة الافتراضية بتنسيق بين المعلمين بشكل تكاملي فلا يرهق المتعلم بالتكليفات الكثيرة أو المتكررة، وصولا إلى مميزات السهولة والتيسير في التعامل مع المحتوى التعليمي عن بعد من الدخول إلى العمليات والتقويم إلى الخروج بدون تعقيدات
وصولا إلى نموذج يقدم خدمة تعليمية ذات جودة عالية مع التأكيد على أن التعليم عن بعد أحد أساليب التعلم، ولا يوجد أسلوب أفضل أو طريقة وحيدة كنموذج للتعلم، فقد يكون خيارا متاحا وقد يكون خيارا استراتيجيا.
إن المتعلم محور العملية التعليمية وعلية الجهد الأول ،والجهد الأكبر يكون على المعلم في التوجيه وإلإرشاد والحث والمتابعة والتقييم لمدى اكتساب المعرفة وتعديل السلوك ورفع مستوى الوعي بما يتناسب مع المرحلة العمرية والنفسية ومراعاة الفروق الفردية بما يضمن تساوي الفرص في حق التعلم ومقدار التقدم كل حسب إمكاناته وقدراته بالوقت الكافي والقدر اللازم لحدوث التعلم ،وإعطاء الفرص وتقديم الدعم والمساعدة مع التحفيز والتشجيع.
من الأسئلة المهة هل النظم والشراكات لمؤسسات التعليم والشركات المقدمة للخدمات المساندة جاهزة للكم الهائل من البيانات والمستخدمين للتعلم عن بعد والعمل عن بعد بالطاقة الاستيعابية الكبيرة والجودة العالية، وما هي إمكانيتها و ما حلولها والبدائل التقنية ،وهل تراعي نظم التعليم عن بعد الآثار السيكولوجية والنفسية والمعرفية والتقنية لكل جوانب المتعلم ، وهل اختلاف أسلوب التعلم بين المعلم والمتعلم يؤدي إلى اختلاف الممارسات والنتائج والتقييم ، وما الآثار المتعدية للمرحلة في حال الانتقال من حالة تعليم إلى أخرى من النواحي المعرفية والاجتماعية والاقتصادية، ومدى تساوي الفرص لجميع المتعلمين في التعلم في نفس الظروف ،وماهي الكيفية لتقديم المحتوى التعليمي بشكل صحيح كما ونوعيا .
علينا أن نحرص أشد الحرص وعدم التعجل والتسرع في الحلول، وحلول العودة لأي أسباب إلا بعد التأكد والتامين على سلامة بيئات التعلم وضمان سلامة الصحة العامة، وأن يكون الحل تدريجيا بحيث يراعي فيه أدق التفاصيل وكافة الاحترازات التي أساسها سلامة وصحة الإنسان اولاً.
احمد عبدالرحمن الشريف
الشؤون المدرسية
مكتب تعليم بارق