كورونا وباءٌ عطّل الكرة الأرضية كلها، غيّر ملامحَ الحياة، جاء ليقلبَ تفاصيل أيامنا، ويأخذنا نحو حدود الدهشة والترقب والخوف والفزع، ضرب كلَّ شبرٍ في عالمنا ، دون أن يراه أحد أو يتجرأ على وقف زحفه وتمدده بشر ، الأرقام في كل ثانية تزداد ومعه يتساقط الناس، إما خوفاً، أو مرضاً، أو رعباً، وهلعاً، دولٌ بحضارتها وتاريخها وقوتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية، سقطت سقوطاً مدوياً أمام هذا الزائر المرعب لكوكبنا، المنظمات الصحية في العالم تعيش أكبر حالة استنفار في تاريخ البشرية، لمواجهة شراسة هذا الوباء، وشرح مخاطره وتداعياته، الإعلام لم يشهد بعد زمن الحروب العظمى حدثاً يجنّد فيه كل طاقاته كما حدث مع (كورونا المستجد) ذلك القادم من خفافيش الصين، إنها سطوة الحيوان على تفاصيل الإنسان وحياته، الاستشاريون والخبراء والممارسون الصحيون يقفون في ساحة حربٍ مع مجهول، ربما يفتِكُ بهم في أي لحظة، ففي عقيدة الحروب والمواجهات العسكرية كل طرفٍ يعرف كيف يواجه الآخر فهي حربٌ مفتوحةٌ بين طرفين معلوميَن، أما مع (كورونا الصيني) فهي حربٌ مع طرفٍ مجهول ربما يتسلل إلى فمك وعينيك وأنفك دون أن تدركه وتشعر بحربه عليك إلا حينما يبسط أذرعه في شرايينك وأوردتك، حينها ستصبح رقماً موجعاً ضمن الأرقام المعلنة في المؤتمر الصحفي اليومي لوزارة الصحة.
وحتى لا تصبح الجسد القادم لاستيطان كورونا فيك، انتفضت مملكتنا العظيمة بكل طاقاتها وقوتها وسياستها وحكمتها وملياراتها، بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وأعزه، ومتابعة ولي عهده الأمين محمد بن سلمان أدام الله عهده، لوضع كل الحلول لمحاصرة هذا الوباء، فتمّ تأجيلُ الحياة حتى إشعارٍ آخر، ووقف عجلة التنمية حتى ما بعد معركة كورونا، فاستُنهِضت الهممُ ووضِعت الخطط وأُحكِمت برامج الوقاية والمتابعة والعلاج والصحة، وقامت فرق الرقابة التجارية والغذائية بامتداد خارطة هذا الوطن، لتؤدي واجباتها وأعمالها بمهنية عالية وحرفية متقنة وبحسٍ وطني جعل من مملكتنا نموذجاً مدهشاً فرض على العالم بأسره أنها دولةُ عمل ونظام وقيم وإنسانية واقتصاد، لا تكسره تلك الرياح التي تجتاح عالماً باع الإنسان واشترى ماله واقتصاده!
مملكتنا حددت الملامح الأكثر وقاية لمنع تفشي هذا الوباء فكانت قاعدة (ابق في بيتك)، هي المنطلق لحماية المواطن والمقيم فتم وقف الدراسة والعمل وإغلاق المساجد والمحلات التجارية إلا بعض المستثنى منها، وفرض حظرٍ للتجول والانتقال والخروج والدخول ما بين المدن والقرى والبلدات في وطننا العظيم، هذه السلسلة من الاحترازات الوقائية والأمنية هي من أجل الإنسان السعودي وكذلك المقيم لحمايته وصونه كي لا يضرب كورونا جسده، وحتى لايتفشى هذا المحارب المجهول فينا.
هنا في عسير وهي جزءٌ من منظومة عملٍ وطني في مملكتنا العظيمة لمواجهة هذا الوباء، أنشأ صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال غرفة عمليات يترأسها بنفسه ويشرف عليها ويتابعها لحظة بلحظة على مدار الساعة، كي يبقى الوطن بمأمن عن مخالب هذا الفايروس! وفي محافظة المجاردة تستنفر الكوادر الطبية كل طاقتها ومهنيتها مع الجهات المعنية الأخرى بلدية المجاردة والجهات الأمنية والوقائية بمتابعة من سعادة محافظ المجاردة الأستاذ/ سعيد بن علي بن دلبوح وكذلك وكيل محافظة المجاردة سعادة الأستاذ/ ثامر بن نايف المرزوقي، كل هذا العمل الاحترازي والوقائي الذي يؤدى على مدار الساعة من أجل حفظ حياتنا وصحتنا ومنازلنا من كورونا المستجد، والذي يستند على تنفيذ قرارات الدولة وتعليماتها لمنع تفشي هذه الجائحة، إلا أن المواطن والمقيم في المجاردة وكأنهم خارج منظومة الحياة وخارج دائرة الالتزام والتقيد بما تمليه عليهم الحلول الوقائية الصادرة من الجهات الحكومية، والتي تؤكد وبكل إصرار على قاعدة (ابق في بيتك)!
إلا أن شوارعنا مكتظة بالمارة والعابرين فيها بكل الاتجاهات، طرقاتنا تعج بالعمالة الوافدة المتجمعة على الأرصفة والشوارع، المحلات التجارية _كلها_ أبوابها مشرعة أمام الناس، وكأننا في زحام ليلة العيد، أما بعد رفع الحظر عند السادسة صباحاً الناس فتبدأ رحلتهم نحو الزحام والتكدس في المحلات، العمالة تطوف الشوارع دون وقاية أو التزام، أصوات الباعة تعلو، وحركة الشوارع مزدحمة، وكأن قاعدة (ابق في بيتك) لا تعنيهم، وكورونا صديقٌ لهم لن يتجرأ على المساس بهم!
فمِنْ أجل الوطن.. مَنْ يبسط فرضَ النظام بلغة القوة ؟ قبل أن تصبح المجاردة منطقة منكوبة!
محمد الفقيه الشهري
كاتب وأديب
التعليقات 2
2 pings
محمد الزيلعي
2020-04-01 في 8:02 م[3] رابط التعليق
ما اروعك يا استاذ محمد ان كتبت ابدعت وان تحدثت ابهرت ما شاء الله ونسأل الله أن يبارك فيك
نعم ونحن نشهد بما كتبت اناملك وأعتقد أن هناك محافظات كثيرة تنحى هذا المنحى الخطير
نسأل الله أن يرفع هذا البلاء وان يجزي حكومتنا المباركة خير الجزاء
ياسين آل قريع
2020-04-02 في 2:32 ص[3] رابط التعليق
نسأل الله أن يلطف بالجميع واعقلها وتوكل مطلب شرعي
الإخوة المقيمين معنا في المجاردة يحتاجون إرشاد وتوجيه أثناء فترة تواجدهم في الأماكن التى أشار فيها معلمنا وكاتبنا حفظه الله وكذلك أهلنا داخل المحافظه