أخبار دولية

جيل التغيير في كيرالا: معركة المصير ضد آفة المخدرات

-

شهدت ولاية كيرالا، الواقعة في أقصى جنوب الهند، مؤتمرًا طلابيًا ضخمًا لمناهضة المخدرات، شارك فيه أكثر من عشرين ألف طالب وطالبة من مختلف أنحاء الولاية، بتنظيم من جمعية الطلبة التابعة لجمعية الحكمة الإسلامية بكيرالا. وقد جاء هذا الحدث الضخم تحت شعار “المخدرات عدو الإنسان والإنسانية”، وأعلن المشاركون فيه استعدادهم التام لخوض المعركة ضد هذه الآفة التي تهدد المجتمعات.

وأكد المؤتمر أن العالم يعاني اليوم من أضرار المخدرات الحديثة وتداعياتها الخطيرة، وأن الأمة الإسلامية كانت ولا تزال في طليعة من يحاربون هذه السموم القاتلة. وفي الوقت الذي تبذل فيه حكومة الهند جهودًا متواصلة لمكافحة المخدرات، إلا أن التحدي لا يزال كبيرًا، مما يستدعي تضافر جهود المواطنين وكل من يحمل في قلبه همّ الإنسانية.

وشهدت كيرالا في الشهور الماضية عدة جرائم مروّعة ارتُكبت بسبب تعاطي المخدرات، أبرزها حادثة قتل مؤلمة ارتكبها شاب مسلم يبلغ من العمر 23 عامًا، أدمن على الخمر والمخدرات، فقتل خمسة من أفراد أسرته، بينهم جدته، وعمه، وعمته، وأخوه الصغير، وصديقته، وكاد يقتل والدته لولا أن فشل في ذلك.

ووفقًا للإحصاءات الرسمية، فقد سجلت كيرالا خلال العام الماضي فقط أكثر من ثلاثين ألف جريمة مرتبطة بتعاطي المخدرات، ما خلف آلاف الأسر المكلومة، والآباء الثكالى، والأمهات الحزينات اللواتي فقدن أبناءهن في دوامة الإدمان.

وفي ظل هذا الوضع المؤلم، أطلقت المنظمات الإسلامية في كيرالا، وعلى رأسها جمعية الحكمة، حملات توعية موسعة، مدعومة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحرم المسكرات وتحذر من عواقبها، مثل قوله تعالى:
“يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا” [البقرة: 219]،
وقوله تعالى:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” [المائدة: 90].

ومن دروس السنة النبوية مثل قَوْلِهِ ﷺ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ،
وَكُلُّ شَيْءٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ.
وكما أقوال الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم – كَمَا سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- عَنِ الْبَاذَقِ -وَهُوَ الْخَمْرُ إِذَا طُبِخَ-، فَقَالَ: سَبَقَ مُحَمَّدٌ ﷺ الْبَاذَقَ، فَمَا أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ. خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ.
ومن دروس علماء أهل السنة والجماعة
قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْمُسْكِرُ جَامِدًا أَوْ مَائِعًا، وَسَوَاءٌ كَانَ مَطْعُومًا أَوْ مَشْرُوبًا، وَسَوَاءٌ كَانَ مِنْ حَبٍّ أَوْ تَمْرٍ أَوْ لَبَنٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَدْخَلُوا فِي ذَلِكَ الْحَشِيشَةَ الَّتِي تُعْمَلُ مِنْ وَرَقِ الْقِنَّبِ -وَبِالضَّمِّ أَيْضَا- تُعْمَلُ مِنْ وَرَقِ الْقُنَّبِ، وَالْقُنَّبُ: نَبَاتٌ حَوْلِيٌّ زِرَاعِيٌّ لَيْفِيٌّ مِنَ الْفَصِيلَةِ الْقُنَّبِيَّةِ، تُفْتَلُ لِحَاؤُهُ حِبَالًا، وَالْقُنَّبُ الْهِنْدِيُّ نَوْعٌ مِنَ الْقُنَّبِ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ الْمُخَدِّرُ الضَّارُّ الْمَعْرُوفُ بِالْحَشِيشِ وَالْحَشِيشَةِ .

كما استُشهد بأقوال الصحابة الكرام وأئمة أهل السنة والجماعة الذين أجمعوا على تحريم كل مسكر ومفتر، سواء كان مشروبًا أو مأكولًا، سائلاً أو جامدًا، ودخل ضمن ذلك الحشيش المستخرج من نبتة القنب الهندي، لما له من أضرار جسيمة على الفرد والمجتمع.

وقد تميز المؤتمر الذي انعقد في مقاطعة “ملابرم” بولاية كيرالا، بمشاركة طلاب وطالبات من مختلف الديانات والانتماءات، من المسلمين والهندوس والنصارى وغيرهم، ما يعكس الروح التعاونية والوحدة في وجه العدو المشترك: المخدرات.

وافتُتح المؤتمر بكلمة ألقاها فضيلة الشيخ بدر الناصر البجيدي العنزي، الملحق الديني بسفارة المملكة العربية السعودية لدى الهند، حيث أكد استعداد المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين، لدعم الجهود الدولية والمحلية لمكافحة المخدرات.

وترأس الجلسة فضيلة الشيخ عبد اللطيف المدني، رئيس جمعية الحكمة الإسلامية، كما شارك في المؤتمر عدد من أعضاء البرلمان الهندي مثل الشيخ محمد بشير الوزير السابق بولاية كيرالا، ونجيب محمد عضو المجلس التشريعي بولاية كيرالا ، والشيخ كونجي محمد المدني عالم ومترجم القرآن الكريم في اللغة المليبارية وشخصيات سياسية ودينية بارزة، وأعلن الجميع عن إعجابهم وسرورهم الكبير بالحضور الطلابي الحاشد والتنظيم المتميز.

واختُتم المؤتمر بإعلان الحاضرين عزمهم الصادق على خوض معركة شاملة ضد المخدرات، مؤكدين أنها عدو مشترك للإنسانية جمعاء، وداعين إلى استمرار حملات التوعية والمشاركة المجتمعية حتى يتحقق النصر في هذه المعركة المصيرية.

بقلم. دكتور محمد رافع زين الدين
أستاذ مساعد ، كلية الأنصار العربية بفلافنور، جامعة كاليكوت الحكومية ،كيرالا، الهند.


اكتشاف المزيد من صحيفة اخبار الوطن

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com