عام

هندسة الوجه بين الرضا و القناعة وطمع الاطباء

اعتراف وبوح وحسرة امرأة لم تختار شكل وجهها كغيرها من النساء بل اختاروه أهلها لها والحمد لله بكل حال

بقلم - علياء الشهري

في العقد الثاني من عمري قصدتُ الجراح المعروف دخلت عيادته مثقلة بعدم الرضا عن ملامحي، وقلت له بوضوح: “أنفي لا يعجبني، أريد أن تكسره وتعيد هندسته وتجميله لي”، غير أنه رفض وقال بثقة الطبيب الضمير: “لا تحتاجين عملية أنف”. ولما أصررتُ بعنادي، أخذني “على قد عقلي” – كما يُقال – وأخضعني للتخدير العام، ثم عبث قليلًا بوسط أنفي دون أن يقترب من أرنبته. وحين أفقت، وجدت أنفي كما هو، فغضبت وخرجت محتقنة النفس. لكن بعد سنوات، وبعد أن رأيت التناسخ الصناعي في أنوف النساء، حمدت الله وشكرت على حكمته، إذ أبقى على فطرتي ولم يساير نزواتي.

وفي أواخر الثلاثينات قصدتُ الدكتور أخر في عيادته بجدة. قلت له بشيء من القسوة على نفسي: “لا أريد شكل وجهي، أريد تكسير فكيّ وخدودي وتجميلها صناعياً”، فضحك من غرابة طلبي وقال: “ذلك صعب جداً وقد تتشوهين”. فطلبت منه بديلًا: “احقن لي دهونًا في وجهي، فقد صار نحيفاً لا يعجبني”. وافق بعد أن حذرني من النتائج، فأجبت أنني مستعدة. فاستخرج الدهون من جسمي وحقنها في خدودي، فعاد وجهي ممتلئًا كما كان في مراهقتي، بعد أن كان قد ذوى بسبب ما سميته “سحر الهزال”.

واليوم، حين أقارن بين وجوه النساء التي صارت تُستنسخ استنساخاً مصنعاً، أحمد الله وأشكر الطبيب على ضميره الذي أبقى على جوهري.

ومضت الأعوام، حتى قبل خمس سنوات، حين قصدتُ البروفيسور . قلت له: “ذقني طويل مثلث لا أريده، أريد كسره وتقصيره ليصبح دائرياً قصيراً”. فاستجاب لرغبتي، وأجرى لي ما أردتُ، بعكس الطبيبين السابقين اللذين رفضا تلبية نزواتي.

والمفارقة الساخرة أن شكل الذقن الطويل (الـ V) الذي رفضته صار لاحقًا موضة النساء! وهنا فهمت أن في هذا العالم أسرارًا لا يملكها الفرد، وأنني لم أختر حتى شكل وجهي كما أردت.

ختاماً:
عند هذه المحطات جميعًا، أيقنت أنني لم أختر شكلي ولا وجهي كما يفعل غيري من النساء، بل اختاره لي أهلي واقدارهم لي معًا. وكلما أسترجع مسيرتي، أردد بيني وبين نفسي: الحمد لله على الخير والشر، على الجمال كما على النقص، وعلى ما اخترته وما لم يكن لي أن أختاره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com