يأتي ذلك الرجل المنهك من البادية وعلى وجهه تفاصيلٌ وقصصٌ من الكفاح ومراهقة الزمان. أتى من البادية للحاضرة وقد اختلف عليه كل شيء ذهب إلى بيت صديقه وسأل عنه قالوا له إنه في السوق توجه ببضاعته القليلة ليعود برزق لعياله وبينما هو في خضم الناس إذ برجل يثبته من الخلف ويصرخ في الناس من يشتري العبد! من يشتري العبد! فيذعر الرجل من الذي سيبيعه ويدخله في معاناة الرق. ولما التفت تبسم وضحك وتهلل وجهه إنه صديقه وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم يداعبه ويمازحه فيقول الرجل تجدني كاسداً يا رسول الله أي لن يأخذني أحد بثمن وهنا جبر خاطره الحبيب عليه الصلاة والسلام وقال لكنك عند الله لست بكاسد يا زاهر . وكأنها بشارة في لطف تمسح كل أعباء الحياة عن ذلك المسكين. هنيئا لزاهر رضي الله عنه بهذه المنزلة العظيمة ونيله رحمة وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب الله عز وجل لكن المعنى الأعمق هو هذه العبادة العظيمة. إن جبر الخواطر عبادة لا يعدلها شيء كم من محتاج أو مكسور أو سقيم ترمم حياته كلمة وتنقله لدائرة الفرح والسرور. احتسبوا الأجر في جبر خواطر الناس كونوا بلسماً وعوناً في هذه الحياة البائسة كونوا مصدراً للراحة وبث مشاعر الفأل والخير لا تكونوا بائسين متنطعين هدّامين فمافي قلوب الناس يكفيهم دون أن تزيدوا عليهم بغلظتك . كل إنسان له معركته التي يخوضها في حياته فأعينوه على تجاوز آلامه ومقاساته بكلمة وابتسامة بثناء يبرد ما أحدثته النفوس الدنيئة من حوله. كونوا مسلمين حقاً بأخلاقكم الراقية لتقتربوا من منزلة نبيكم صلى الله عليه وسلم.
بقلم
أ. هادي عسيري